علي حسين
وضعتُ هذا العنوان وأنا أتوقع أنْ يلومني البعض من القراء الأعزاء، لأنني تركت مشاكل البلاد ومعركة القاذفات والشفلات، وتجديد البيعة للقائد السياسي محمد الحلبوسي، لأكتب عن ممثل كوميدي يعيش الآن في جو من الشائعات، فالبعض يصر على أنه مصاب بـ "ألزهايمر"، فيما عائلته ومقربوه يؤكدون أن النجم الكوميدي سيعود إلى جمهوره في فيلم جديد، وإذا سألتموني عن النجاح الذي سيحققه فيلم عادل إمام،
سأقول لكم وأنا مطمئن إن فيلم "الاستقالة" الذي قام ببطولته محمد الحلبوسي سيتفوق عليه بدرجات، بدليل أن معركة القاذفات لا تزال مستمرة، وبغداد تقطعت أوصالها، والناس لا تدري ما الذي يخبئه لها المستقبل، وجرحى وقتلى من أجل أن تعقد جلسة لبرلمان كسيح، يعيد لنا فصلاً من فصول المهزلة العراقية.. ولهذا أعذروني وأنا اتذكر فيلم " مرجان أحمد مرجان " الذي قدم فيه عادل إمام شخصية الملياردير الذي يمتلك كل شيء، فهو نائب في البرلمان، ولديه مستشفيات وجامعات، وأندية رياضية، وبإمكانه شراء أي شيء، و لايهم أن يتخرج من جامعة يصرف عليها من أمواله، ففي كوميديا السياسة العراقية شاهدنا أكثر من مرجان استولى على أموال الشعب بخطب زائفة وحصل على أعلى الشهادات مرة بالتزوير ومرات من خلال جامعات وهمية ، ومرات أخرى بتأسيس جامعة تمنحه شهادة التخرج، كما قرأنا في سيرة النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي الذي تم انتخابه اليوم. الفرق بين مرجان أحمد مرجان الفيلم وبين "المرجانات" التي تجلس على كراسي البرلمان، أن عادل إمام أراد أن يقدم للمشاهد فساداً يثير الضحك، فيما يقدم لنا البرلمان فقرات تثير الفتنة وتدفع بالبلاد إلى المجهول، والأهم، أن مساخر الممارسات للدولة العراقية تفوقت، في قدرتها على الإضحاك، كل إنتاج عادل إمام، ومعه المرحوم " الحاج راضي " إذ يبدو وكأن الدولة بكل مؤسساتها قررت دعم المسخرة السياسية الدائرة في العراق.
أرجو ألا يظن أحد أنني أسخرُ من البرلمان، أو أصر على التعريض بساستنا " الأفاضل"، فما يجري هو تجاوز فــن السخرية بمراحل كبيرة، لكنني أحاول القول: إنه لا شيء يحمي الشعوب من الدخول في جُبِّ الكوميديا الفاشلة سوى ساسة يؤمنون ويتحملون مسؤولياتهم في الصح وفي الخطأ .
ياسادة يحتاج المواطن العراقي، وخصوصاً الذين تملأ وجوههم الكآبة من أمثالي، إلى أن يضحكوا، بعد أن تحولت حياتهم "سوداء" منذ اللحظة التي أطلّ وضعنا فيها غازي الياور على كرسي رئاسة الجمهورية ، وعملنا بالتوصيات الديمقراطية التي تركها لنا المستر بريمر، وكان أول مطالبها أن يصبح محمود الحسن نائبا ، الذي ما ان نشاهده حتى نكتشف حجم الكوميديا في حياتنا .