إياد الصالحي
ليس بالأمر اليسير أن ينبري أحد رجالات الرياضة ممّن تجاوز سنِّه العقد السابع بسنتين، ليقدح شرارة التغيير بين صفوف الهيئة العامة لاتحاد رياضي غارق في شُبهات الفساد المالي والإداري برغم الاستسلام التام الذي عاشتهُ الهيئات العامة للاتحادات الرياضية طوال 19 عاماً من تغيير النظام في العراق.
عدنان الجابري، خبير لعبة الجمباز، فعَلَ ما لم يجرؤ غيره لا في لعبته ولا في ألعاب أخرى، واختار اليوم التاريخي (27 حزيران 2022) لتقول الهيئة العامة للاتحاد كلمتها الحاسمة بسحب الثقة من رئيس الاتحاد إياد نجف بعد ثلاث سنوات من الصبر على أخطاء إدارته وعدم تصرّفه بالمال وفقاً للضوابط بدلالة إيقاف وزير الشباب والرياضة عدنان درجال جميع أنواع التعامل الإداري والمالي مع نجف وذلك لثبوت مخالفته للقوانين النافذة!
الجابري يُعد حالة استثنائيّة في تاريخ رياضة العراق، اسهم في جمع أعضاء الهيئة العامة بجهود شخصيّة مُنطلقاً من مصلحة عامّة وليست ذاتيّة، ونجح في إقناع مؤيّدي مبادرة الاجتماع الاستثنائي لإنهاء حُقبة إياد نجف بكل صفحاتها التي أكّد لنا أحّد مسؤولي الاتحاد من ذوي الخبرة الطويلة أنها تستحقُّ توثيق تفاصيلها المريرة لتكون وثيقة دامغة لنهاية التفرّد والديكتاتورية والأنانية في حُكم أي شخص متشبّث بموقع ما بأداء عقيم!
ثّمة أمر آخر عجّل في اصدار الأمر الوزاري الخاص بموقف اتحاد الجمباز، وهو مقابلة عدنان الجابري لرئيس اللجنة الأولمبية الوطنية رعد حمودي يوم الثلاثاء 20 أيلول الماضي وتسليمه بيان صادر من الهيئة العامة لاتحاده وتحذيره بأن استمرار سكوت الأولمبية وعدم اتخاذها الخطوة اللازمة بُعيد سحب الثقة من رئيس الاتحاد سيُعرّضها الى المُساءلة وفقاً للقانون، وسيتمّ تعميم البيان المُسلّم اليه على جميع وسائل الإعلام حال الخروج من مكتب حمودي، ما دعا الأخير للاتصال بالوزير عدنان درجال لبيان موقفه وأسباب رمي كرة ( الجمباز ) في ساحة الأولمبية، فما هي إلا دقائق من حديث الكابتنين حتى طلب حمودي من الجابري الذهاب الى مقرّ وزارة الشباب والرياضة لاستلام الأمر الوزاري الموقوف لشهرين ما بعد سحب الثقة من نجف لأسباب مجهولة!
حكاية الجمباز لم تنتهِ بخروج رئيس الاتحاد من الباب الخلفي، بل يتوجّب استثمار الوقت لتهيئة إجراءات المؤتمر الانتخابي 5 تشرين الأول الجاري، ينبثق منه رئيس اتحاد جديد يأخذ على عاتقه تسيير شؤون المُنتخبات والمسابقات والأمور الإداريّة والماليّة في مرحلة تاريخيّة جديدة يستفيد من دروس ما أنتجته إدارة إياد نجف خلال عهده، وتنشيط صناعة البطل في جميع الأندية المنضوية للاتحاد، وزيارتها باستمرار وتقييم كفاءة العاملين مع الموهوبين، وتجهيز القاعات النظاميّة في بغداد والمحافظات بمستلزمات اللعبة الحديثة، وإبرام الاتفاقيّات مع الاتحادات العربية والأجنبية لما لها من تأثير على عودة الجمباز العراقي للتفاعل الخارجي بعد غياب طويل لا تستحقّه اللعبة نتيجة سياسة رئيس الاتحاد السابق الذي أكتفى بالحضور الشخصي في المؤتمرات العربيّة والدوليّة من دون أي اهتمام بفرقنا وأبطالنا الذين ظلّوا في فترة انعزال غريبة لم يُحاسب عليها رئيس الاتحاد ومجلس إدارته، وهي من المشاكل التي لابدَّ من معالجتها مستقبلاً لتقييم الاتحادات سنويّاً في الأقل وإن تمتّعت بالاستقلاليّة حسب قانونها 24 لسنة 2021 فلا يُمكن أن تحتكر أمرها وتعبث بمصيرها!
تتجه الانظار في الأيام القليلة المقبلة نحو أمين سرّ اتحاد الجمباز محمد محمود صالح الرجل الهادىء والحكيم الذي أنجز كثير من الأعمال لصالح الاتحاد من دون صخب إعلامي، ولديه رؤية عميقة لمستقبل اللعبة، وما تحتاجه من اصلاحات أساسيّة، وعلمنا أنه سيرتّب لمؤتمر استثنائي يجمع فيه 21 ممثّلاً للأندية المُشكّلة لعموميّة الاتحاد، فضلاً عن أعضاء الهيئة التنفيذيّة لغرض المُشاركة في التصويت وانتخاب الرئيس الجديد، وتطبيق مبادىء النظام والقانون عبر تشكيل لجنة انتخابيّة تتدبّر بكل آليات الاقتراع وتفرز الاصوات وتصادق على شرعيّة النتائج، آملين بأن تقفز اللعبة بسلام نحو مرحلة الاستقرار لتحقيق المنجزات.