TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باختصار ديمقراطي: تهذيب الخطاب الإعلامي

باختصار ديمقراطي: تهذيب الخطاب الإعلامي

نشر في: 4 أكتوبر, 2022: 11:25 م

 رعد العراقي

لأننا ندرك أهميّة دور الإعلام والصحافة الرياضية في التأثير على الواقع الرياضي بشكل عام، والكروي على وجه الخصوص، فإننا لا نُرخّي حبال التشخيص والنقد البنّاء، بل نُسلّط الضوء على خفايا ودهاليز ذلك المفصل الحسّاس الذي بات ينحرف عن مسار المهنيّة المُلتزمة بمبادىء العمل الصحفي القويم.

لا أبرّئ ذاتي كجزء من البيت الصحفي إن كان قلمي زلَّ يوماً في تحديد حقيقة المعاضل وأسبابها فأدرك الخطأ ولا أتردّد في التصحيح وإظهار الحقّ طالما أن النيّات سليمة والرؤية مُنصفة والحياد هو غايتنا لا غير.

دعونا نُمعِن النظر بالمشهد المتأزِّم الذي يمرّ به الإعلام الرياضي الذي بات أغلبه يعتاش على توافِه الأمور ليجعل منها بأسلوب ساخر لا يحمل لغة الاحترام سوطاً يجلد به بلا رحمة مفاصلنا الرياضيّة غير آبه لحدود الحريّة الممنوحة له! تراه يوغِل في الانتقاص والتحريض ليشعر بالزهو والفخر وهو يدفع من حوله للمشاركة في حفلة السُخرية والانقضاض على خصومهِ وتسجيل نقاط إضافيّة له في ملحمة حروب البيت الرياضي الواحد!

أي فكر هجين بات يغزو عقول البعض وهو يتصوّر أنّ نجاحه لابدّ أن يستند إلى لغة الاعتراض وإن كفّة موقفه ثقيلة في ميزان مصلحة من تهواه نفسه ومصالحه، وإن قرار الحرب الإعلاميّة يطلقهُ متى ما يشاء تقرُّباً لطرفٍ سايرهُ ضد طرف خالفه!

هل نحتاج الى تلك الثورة المُلتهبة ومساحة الاستهزاء والتنكيل على قضية لا تستحق أن تكون أداة للتسقيط والتشهير والإحراج كقضيّة (كأس السوبر)؟ لقد تسابقَ الكثير بجعلها (قُنبلة الموسم) وحديث القنوات الفضائيّة ومواقع التواصل الاجتماعي لتصل إلى خارج الحدود في أسوأ مشهد يُقدّمه الإعلام الرياضي عن بلد الحضارة والثقافة والمحبّة!

ليست قضيّة (كأس السوبر) هي الوحيدة في اختبار المهنيّة ولغة الطرح والحوار، بل سبقتها الكثير من (التوافه) التي كانت سبباً في تشويه صورة الواقع الرياضي في الداخل وسبّبت إحراجاً للشخصيّات الرياضيّة وعلاقاتها خارجياً، في حين تناسى الكثير أسلوب النقد البنّاء بلا تجريح والحوار الهادىء، ولفت الانتباه باحترام وطرح الحلول هي مبادىء رصينة لإيصال الرسائل وتصحيح الأخطاء بدلاً من التهريج والتشبّث بالحرص الزائِف.

من المؤسِف أن تختفي المواقف الرصينة لأقلام صحفيّة وأصوات إعلاميّة مُحايدة وراء أمواج الانفعال والصخب الإعلامي الخادِع والسائد ليكون الشُغل الشاغِل للمسؤلين الرياضيين لتجنّب تأثيرهم واصابتهم القاتلة لمناصبهم ومعها تضيع كل النصائِح ومنافِذ الحلول التي تطرحها الأصوات المُحايدة والمهنيّة.

كم هي القضايا المفصليّة التي طُرحت بشكل علمي وبأسلوب مُتّزِن من خلال البرامج والصحف وقدّمت فيها المُقترحات الرصينة من دون الدخول في مسارات ملتوية أو استهداف شخصي مقصود ومُتفق عليه؟ وبالمقابل يمكن أن نتساءل عن مدى استفادة كُلّ المفاصِل الرياضيّة من كميّة النقاشات والمعلومات واللقاءات خلال سنوات مضت وعملت بالصالح منها فعلياً؟ الجواب: لا شيء!

باختصار.. تهذيب الخطاب الإعلامي والصحفي بات ضرورة وطنيّة لا حياد عنها، تتطلّب تدخّلها فورياً لاصحاب الشأن من القيادات الصحفيّة المسؤولة عبر إجراءات عمليّة ومُراقبة مستمرّة والعمل على بلورة ميثاق عمل مهني مُلتزم يأخذ في إطاره العام المحافظة على سُمعة الرياضة كشخوص ومؤسّسات وكذلك الصحافة والإعلام العراقي خارجيّاً وتكثيف الدورات والمناهج التطويريّة للجيل الجديد من اصحاب المهنة قبل أن تتأثّر افكارهم بلوثة دُعاة الصحافة والإعلام الهجين!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram