TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ليلة مقتل السياب !

العمود الثامن: ليلة مقتل السياب !

نشر في: 4 أكتوبر, 2022: 11:45 م

 علي حسين

"نتقدم بخالص العزاء إلى العراقيين جميعاً والشعوب التي تقرأ بلغة الضاد في مقتل الشاعر بدر شاكر السياب على يد مجموعة مسلحة أغاضها أن الشاعر يقف حجرة عثرة في طريق سيطرتها المطلقة على المحافظة، هذا الشاعر الذي لم يكتب من بعده الشعراء قصائد عتاب لوطنهم ، مثلما كتبها الرجل الذي ظل غريباً على الخليج: البحر أوسع ما يكون وأنت أبعد ما تكون.. والبحر دونك يا عراق".

بالتأكيد برقية التعزية هذه مجرد هلوسات يكتبها صاحب هذه الزاوية الذي ظل طول اليوم ينظر إلى تمثال الشاعر الكبير وقد اخترقته أربع رصاصات أرادت أن تثأر من مواطن عاش ومات وهو يحب بلده العراق. ولكن ماذا نفعل ياسادة في بلاد يُراد لها، وبإصرار، أن تستقيل من التاريخ والجغرافيا والمستقبل إرضاء لعيون دول الجوار ؟ . وتيمناً بخطب وتوجيهات لا تريد لهذا الشعب أن يستقر.. وقبل أن يتهمني البعض بالعمالة، أقول؛ أنا مواطن لا يعرف ماذا يفعل وهو يشاهد السيد المصر على منصب رئيس الوزراء شياع السوداني يؤدي، وباقتدار، من خلال برنامج أحمد الملا طلال أغنية الراحلة سعاد حسني "الدنيا ربيع والجو بديع" ويطالبنا بأن نترك كل المواضيع.أو يتفرج على تظاهرات يقوم بها تيار سياسي يتغنى بالاصلاح ليل نهار ، لكنه ينزعج من حديث مقدمة برامج .

لم يكن بدر يشاكر السياب يُدرك أنه سيُحزن القرّاء لقصائده التي أرادها في بداية حياته مثل نبوءة مفزعة تؤذن بعصور الخراب، ومثلما نتأمل في مراراته وأحزانه وذكرياته، نتذكر تلك القصائد التي زيّن بها الشعر العربي، نتذكر ذلك الفتى النحيل الذي حطّ الرحال من البصرة، قاصداً بغداد التي تحولت اليوم بفضل ساسة وصفتهم اليوم السيدة بلاسخارت بعد أن تعبت من المشاوير والاجتماعات بأنهم لا يعملون لصالح العراق وشعبه، وأن الكثير من العراقيين فقدوا الثقة في هذه الطبقة السياسية.. وأن المحسوبية هي التي تتحكم في مصائر البلاد.. أما الفساد المالي والإداري فقد أصبحنا مضرب الأمثال به.. هل هناك شيء آخر ياسيدتي ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة؟.. نعم؛ "إذا بقي النظام على حاله فالقادم أسوأ". وهل هناك أسوأ من الرصاصات التي اخترقت شاعر العراق ؟.

مات السياب قبل اكثر من نصف قرن وفي عينيه عتاب، فالبصرة استبدلت ثوب الحياة برداء الحشمة والفضيلة الزائفة، وقد استولى عليها البعض ممن يفرضون كثيراً من الكآبة على الحياة معززين ثقافة الظلام، يبددون الأمل ويحاصرون التفاؤل، يأمرون الناس بالكف عن ممارسة الفرح الذي لم يعد مهنة العراقيين بعد أن سادت مهن جديدة مثل العصابات وأمراء الحرب الطائفية والسراق، وكل هؤلاء يتبارون في كيفية ذبح السعادة والفرح ووأدهما في مقبرة الظلام.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram