بغداد/ المدى
أفاد تقرير فرنسي بأن العراق فوّت عليه العديد من المشاريع الاستثمارية بسبب غياب الموازنة وتأخر تشكيل الحكومة رغم مرور عام كامل على إجراء الانتخابات المبكرة.
وذكر تقرير لوكالة (فرانس برس) تابعته (المدى)، أن "العراق يكمل في 10 تشرين الأوّل عاماً كاملاً منذ إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة، في غياب حكومة جديدة أو موازنة جراء شلل سياسي يهدّد بحرمان البلاد من مشاريع بنى تحتية وفرص إصلاح هي بأمس الحاجة إليها".
وتابع التقرير، أن "العراق، البلد الغني بالنفط والمنهك بعقود من النزاعات، حقق إيرادات نفطية هائلة خلال العام 2022، وتقبع هذه الأموال في البنك المركزي، الذي بلغت احتياطاته من العملة الأجنبية 87 مليار دولار".
وأشار، إلى أن "الاستفادة من هذه الأموال في مشاريع يحتاج إليها العراق مرهونة بتشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة وموازنة تضبط إيقاع الإنفاق".
وبين التقرير، أن "الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي تتولى منذ عام تصريف الأعمال ولا تملك صلاحية طرح مشروع الموازنة على البرلمان".
ويقول الخبير الاقتصادي يسار المالكي، أن "مشاريع البنى التحتية تحتاج إلى سنوات من التمويل الثابت من الحكومة".
وتابع المالكي، أن "الوضع السياسي تسبب باضطراب كبير زاد في إضعاف موقف العراق، الهش أصلا، أمام مستثمريه"، موضحاً ان "الأزمة السياسية أضيفت إلى مخاوف أخرى قائمة منذ زمن، لا سيما الأمنية والفساد".
وأكد التقرير، أن "الخلافات السياسية لا تزال متواصلة بين المعسكرين الشيعيين البارزين، التيار الصدري من جهة والإطار التنسيقي، الذي يضمّ كتلاً تمثّل الحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل مسلحة موالية لإيران باتت منضوية في أجهزة الدولة، من جهة ثانية".
وشدد، على أن "ذلك بعد عام على انتخابات شهدت تردداً أصلاً من الناخبين العراقيين، ومع عجز طرفي الأزمة السياسية عن حلّ خلافاتهما، لم تتشكّل بعد حكومة جديدة".
ولفت التقرير، إلى أن "أعمال عنف اندلعت في 29 آب ببغداد، بين مقاتلين من التيار الصدري من جهة، والقوات الأمنية وقوات الحشد الشعبي من جهة ثانية، راح ضحيتها نحو 30 من مناصري الصدر".
واعتبرت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت أمام جلسة لمجلس الأمن مؤخراً أن تلك الأحداث كان يفترض أن تمثّل "جرس إنذار"، مضيفةً أن "الوضع لا يزال شديد التقلب".
وتابعت بلاسخارت، ان "العديد من العراقيين فقدوا الثقة في قدرة الطبقة السياسية في العراق على العمل لصالح البلد وشعبه".
ويواصل التقرير، أن "البنك الدولي قدّر نمو الاقتصاد العراقي بنسبة 5,4% في المتوسط سنوياً بين عامي 2022 و2024"، مستدركاً أن "توقعات الاقتصاد الكلي تحيطها درجة كبيرة من المخاطر نظراً للاعتماد الكبير على النفط، واستمرار أوجه الجمود في الموازنة، والتأخير في تشكيل الحكومة الجديدة".
ويسترسل، أن "العراق نتيجة غياب موازنة، ينفق اليوم على أساس قانون الإدارة المالية الاتحادي أي ما أنفق في الموازنة السابقة مقسّماً على 12 شهراً، وهو ما لا يعكس واقع الايرادات التي حققتها البلاد في 2022".
ويؤكد المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء مظهر محمد صالح، أن "هذه ميزانيات الحدّ الأدنى... تماثل الماضي وليس الحاضر أو المستقبل وتنعدم فيها فرص النمو الاقتصادي، وتحرم العراق من مشاريع ستراتيجية كبيرة".
وتابع صالح، أن "العراق ضيّع فرصاً كبيرة، فرص الاستثمار بمشاريع مهمة وستراتيجية ومخطط لها".
وعاد التقرير ليشير، إلى أن "العراق وقّع على سبيل المثال عقداً الصيف الماضي مع شركة (توتال إنرجي) الفرنسية، ينطوي على مشاريع عديدة لا سيما في مجال استغلال الغاز المصاحب والطاقة الشمسية، بقيمة عشرة مليارات دولار يموّل جزئياً من الحكومة العراقية، لا يزال في بداياته"، ويقول مصدر مطلع، إن "الحكومة العراقية تعمل على تسريع العمل فيها ورفع العقبات أمامها".
وتحدث الخبير يسار المالكي، عن "مشاريع أخرى تسير بوتيرة بطيئة في قطاع النفط، ومع غياب حكومة بصلاحيات كاملة، وزارة النفط لا تستطيع أن تموّل وتوقّع وتمنح عقوداً لهذه المشاريع الأساسية".
وأفاد التقرير، بأن "البرلمان العراقي ولتلبية النفقات الطارئة، شرّع قانون الدعم الطارئ في حزيران، بقيمة 25 تريليون دينار (17 مليار دولار)، سمح بسدّ حاجات طارئة للسكان وشراء حبوب لضمان الأمن الغذائي، لكن أيضاً ضمان شراء الطاقة والكهرباء من الخارج".
ويرى المالكي، أن "السلطات العراقية ومع اقتراب العام 2023 بدون موازنة، سيكون عليها إما تشريع قانون جديد مماثل للأمن الغذائي" أو الاستمرار بالصرف على أساس الـ 12 شهراً، أي "تقليص الإنفاق مرة جديدة".
وتابع التقرير، أن "وزير المالية السابق علي علاوي صاحب المشروع الاقتصادي الإصلاحي الذي لم يتحوّل تماماً إلى واقع ملموس، لم يتوان عند استقالته عن تحديد المشكلة بصراحة تامة".
وذكر علاوي، أن "كل خطط وبرامج الحكومة مقيّدة دائماً بالحاجة إلى الحصول على اتفاق واسع من طبقة سياسية ممزقة"، متابعاً ان "كل دعوات الإصلاح جرت إعاقتها بسبب الإطار السياسي لهذا البلد".
ويستند التقرير، إلى "الأمم المتحدة التي أكدت أن من بين كل عشرة شباب، يوجد أربعة عاطلون عن العمل، فيما ثلث السكان الـ 42 مليوناً، هم تحت خط الفقر".