علي حسين
كان الفيلسوف اليوناني سقراط يقول لكل من يراه في شوارع أثينا: الشر جهل والفضيلة معرفة، والخير عبادة.. ما هي أعلى مراتب الخير؟ يخبرنا سقراط أنها في نشر الحقيقة : "سأظل أسأل كل من ألقاه مالي أراك يا صاحبي تعنى بجمع المال والشهرة ولا تنشد من الحقيقة وحب الخير إلا أقلها ألا يخجلك ذلك؟".
لا تحتاج الحوادث الكارثية التي حصلت خلال السنوات الماضية، إلى ذكاء لكي نكتشف أن العراقيين دفعوا ثمن غياب الحقيقة ، والأهم أنهم دفعوا ثمن غياب المسؤولية الوطنية، وإعلاء شأن الطائفية والحزبية، وقد بدا ذلك واضحاً في الطريقة التي تعامل بها البعض من مسؤولينا مع الأحداث الجسيمة.
في كل يوم نجد من يخرج علينا ليحذرنا من النظر إلى المسؤولين وإزعاجهم ، وينبهنا إلى ضرورة الابتعاد عنهم، فالمسؤول " حفظه الله ورعاه " يضع أسواراً بينه وبين الناس ، وأفواجاً من الحمايات تضاف لها قوانين وتشريعات تُحرم توجيه أي نقد له، فهل يعقل أن مسؤولينا من طبقة البشر، يخطئون ويتغثرون ؟ .. لا ياسادة إنهم ملائكة مهمتهم إسعاد هذا الشعب.
في لفتة ديمقراطية من الوزن الثقيل تقدم المرشح لمنصب رئاسة الوزراء، محمد شياع السوداني، بدعوى قضائية ضد الكاتب والإعلامي محمد نعناع، إثر تصريحات تلفزيونية، تحدث نعناع فيها عن المرشح السوداني ، وعن فشله في اداء مهمته ايام كان وزيرا .. والمثير أن السيد المرشح انتفض وثار وبدلا من ان يرد عبر الفضائيات ، طالب بتعويض وقدره "500" مليون دينار، عداً ونقداً، وأن يتحمل الكانتب المسكين مصاريف الدعوى وأجور المحامي الذي يدافع عن المرشح.. تخيل جنابك.. الرجل لم يجلس على كرسي رئاسة الوزراء ويطالب بتعويض نصف مليار، ماذا لو أصبح رئيسا للوزراء؟.. حتما سيكون التعويض بالتريليونات،
اليوم نجد من يطالب باعتقال اي راي مخالف ويحذر من خطر اسمه "الحديث عن معاليه " "، وكيف أن وجوده الكتاب والصحفيين المشاغبين يهدد الحياة السعيدة التي تعيشها مدن البصرة وميسان والحلة، وقرأنا سيلاً من البيانات والشتائم تطالب بتطهير العراق من كل الذين يوجهون النقد لأنهم خطر على مستقبل البلاد، وسعى بعضهم إلى إيهام الناس بأن المشكلة ليست في غياب الأمن ولا في أرتال الفاسدين الذين يعششون في معظم مؤسسات الدولة، ولا في غياب أبسط شروط العيش، وإنما في أعداء النجاح المتربصين للانقضاض على المكاسب التي تحققت خلال السنوات الماضية.
الدعوى التي تقدم بها المرشح محمد شياع السوداني تطالب باسكات الكاتب محمد نعناع ، لن تكون الاولى ولا الاخيرة من قبل السيد السوداني ، ما دام هناك من يعتقد ان المسؤول والسياسي فوق المسائلة ، وممنوع الاقتراب منه .