رعد العراقي
لم استغرب الخروج المُبكِّر لمنتخب الناشئين من التصفيات المؤهّلة لنهائيات كأس آسيا تحت 17 عاماً وبأداء هزيل لا يليق بسُمعة ومكانة الكرة العراقية التي كانت تمثّل إحدى القوى الضاربة والمُنتجة للمواهب على الصعيد الآسيوي.
قراءتي كانت تستند الى عوامل أجدها منطقيّة هي من فرضت تلك الرؤية، وإن كنتُ أتمنى أن تكون خاطئة فتحضر الانتصارات ويتوّج المجهود بالتأهّل بجدارة دون انتظار هبات السماء أو العبور بقرار إداري من الاتحاد الآسيوي حسب ما يتردّد من أخبار لنكون بديلاً عن المنتخب القطري بطل المجموعة بعد اختيار الدوحة لاستضافة النهائيّات ليكون منتخبنا للناشئين مُكمّلاً لعدد المنتخبات المتأهّلة وبفارق الأهداف عن المنتخب العُماني! ذلك الأمل يُلخِّص بوضوح ما وصلت اليه الكرة العراقية من استجداء الانجاز والبحث عن كُلِّ ما يحفظ ماء الوجه!
البداية من فلسفة اتحاد الكرة وخُططه في صناعة منتخبات الفئات العمريّة الصغيرة التي من المفترض أن تكون المرآة العاكسة لصورة المستقبل. وحين نقول صناعة فإننا نعنيها لفظاً ومغزى بعد أن أثبتت السنوات السابقة وجود خلل فاضح في عملية إدارة تلك الفئات بدءاً من غياب الدوريات المنتظمة ومروراً بنزاهة وأسلوب اختيار المواهب وأخيراً دقّة وعلميّة إيجاد كادر تدريبي متخصّص في قيادة تلك الأعمار فنيّاً وتربويّاً وقادر على خلق قاعدة كروية بأسس صحيحة تُساير اللعب الحديث المتطوّر، وهو ما يتطلّب إعادة شاملة وتفكيك جذري لكلّ الافكار والأساليب القديمة والانطلاق ببناء جديد على يد اساتذة مهرة خبروا العلوم الحديثة ولا يحملون جينات التدريب والفكر القديم المتوارث.
لكن ما جرى لمنتخب الناشئين لا يتجاوز أن يكون أقرب الى العبث بمصيره من دون تحسّس مواطن الخطر التي تضرب أركانه وتضعه في خانة الضعف أمام بقية المنتخبات وتسبّبت في انهيار العامل النفسي واهتزاز الثقة بنفوس اللاعبين حتى بات الفوز عصيّاً عليهم وفرحة تسجيل أي هدف ضد أضعف الفرق يمثل انتصاراً كبيراً لا حدود لفرحته!
أية ستراتيجيّة إستند اليها اتحاد كرة القدم واللجنة الفنيّة في مهمة قيادة الناشئين للمدرب حسن كمال الذي استمرّ بتلك القيادة قُرابة السنتين، ومنح فيها الحرية بانتقاء اللاعبين من بين أكثر من 90 لاعباً قبل أن يتم إقالته بعد أن فشل في تحقيق نتائج مرضيّة أو إحداث تطوّر في الأداء ليتمّ تكليف المدرب أحمد كاظم بالمهمّة وقيادته في كأس العرب ومن ثم التصفيات الأخيرة لتُصدَم الجماهير الكروية بمنتخب منهك بدنيّاً وفقير فنيّاً ولم يظهر أي تكتيك خططي أو قادر على التمرير السليم من دون أخطاء وعشوائيّة في لعب الكرات الطويلة التي لازالت ملازمة ولا تريد مغادرة أفكار مدربينا ويصرّون على تغذيتها بعقول اللاعبين من دون أن تكون لهم الجرأة للخروج من هذا الأسلوب العقيم.
لا نعلم ما هو الفرق الفني والتكتيكي في إمكانيّة وفكر حسن كمال وأحمد كاظم مع جُلّ الاحترام لهم يستوجب اللجوء نحو إجراء التغيير ونجازف من أجله بالدخول الى التصفيات الأهم بكادر فني جديد وبزمن محدود وبنفس اللاعبين ممّن لم يظهروا أي امكانيّة فنيّة أو موهبة حقيقيّة مع الكادر السابق باستثناء لاعبين أو أكثر بقليل؟ سؤال يطرح بقوة على الاتحاد ولجنته الفنيّة، ولا أعتقد أن هناك تفسير منطقي يُبرّر ذلك سوى أن أقصى حدود المعالجة بعد أي اخفاق لا يتجاوز إقالة المدرب فقط، وضمّه الى قائمة (المدرب المحلّي المحروق) وهو أيضاً إجراء بدائي يؤكّد وجود خلل في منهج وضوابط العمل وأهدافه في اللجنة الفنيّة.
باختصار ..إن كانت خيارات اللجنة الفنية لا تتجاوز التوصية بالإقالة والتكليف بعيداً عن الحسابات الفنيّة الدقيقة المُجرّدة من أي تأثير ولا تستهدف الوصول لهدف التطوير ومواكبة الأداء الحديث، فلابدّ من إعادة النظر بها فإن المسؤولية تتحمّلها هي أوّلاً ومن خلفها اتحاد كرة القدم الذي أدار ظهره لأهميّة البحث عن كوادر أجنبيّة كفوءة لقيادة منتخبات الفئات العمريّة قادرة على صناعة لاعبين وفقاً لأسس متينة ومتطوّرة من دون أي تأثير باختيار المواهب هي مَن ستكون عِماد المنتخب الوطني مستقبلاً بدلاً من الانشغال بالبحث عن مدرب عالمي للمنتخب الوطني الأوّل فرصته بالنجاح تبدو ضئيلة وهو لا يمتلك لاعبين مؤهّلين فنيّاً بشكل سليم ولنتذكّر جيّداً ما تحصدهُ الكرة العراقية اليوم من خيبات هو ناتج لما زرعته أيديكم بالأمس!