TOP

جريدة المدى > عام > ماذا بعد المهرجان؟

ماذا بعد المهرجان؟

نشر في: 11 أكتوبر, 2022: 11:53 م

عبدالكريم يحيى الزيباري

كيف نقرأ مهرجان دهوك الثقافي الخامس بعد أربعين سنة؟ كيف سترانا الأجيال القادمة؟

كتحديثٍ وتعزيز للهوية واللغة الكردية، كتجديدٍ للاهتمام بالثقافة الكردية التي عانت منذ 2014 مشاكل كثيرة،

آخرها توقف منشورات اتحاد الأدباء ومديرية النشر في دهوك، في ظل سياسة ثقافية غير واضحة بسبب الحرب والظروف السياسية والاقتصادية. ليُجَدِّدَ أملاً باهتمام حكومة إقليم كردستان بثقافتها ومثقفيها المُفعمينَ حُلُماً بهويةٍ قوية لأُمَّةٍ واحدة، تَحدوها كلمات يسمعها العالم ويُصدِّقها ويُقدِّرها

قاعة مديرية ثقافة قضاء سُمِّيل بحضور نخبويٍّ من العراق وتركيا وسوريا وإيران والسويد وألمانيا، يحجون دهوك بهمومٍ كبيرة وأوهام أكبر، بحثاً عن الفردوس المفقود، يحلِّقون حالمين متحررين من روح العصر الراهن، يصنعونَ لأنفسهم عصراً خاصاً بهم.

وَدَدْتُ لو تضاعفَ الحضور في ملعب دهوك مع شعراء منتخبين بِدِقَّة وأغنيات شعبية فلكلورية لتجسير الهُوَّة الثقافية بين الشعب الكردي الطيب العنيد الهادئ الصبور المتمسِّك بتراثه وعاداته الشعبية التقليدية رغم ضغوطات العولمة والتحولات الاجتماعية والاقتصادية، وهويته المنتظرة بين جدلية هويات جارة ضاغطة، وانفعالاته العشائرية البالية. حسن سليفاني (الأدباء الكرد منذ 1991 أصدر مجلة بيف الفصلية و301 كتاباً وأمسيات أدبية وفكرية، إسهاماً في بناء الإنسان ودفاعاً عن الهوية واللغة الكردية).

ارتجلَ د. علي تتر محافظ دهوك كلمته (كَشَفنا للعالم وللجميع ماذا نريد، وَكَشَفنا حقيقة الدول التي وقعت معاهدات ومواثيق حقوق الإنسان، لا يهمها غير مصالحها. أدعو أدباءنا ومثقفينا للتفكير في ثلاثة محاور: اللغة التراث التاريخ. وبحثها بصورة أعمق وأوسع والخروج من المعطف الكلاسيكي والاكتفاء بالاقتباس ونقل ما قال فلان. لماذا نتوقف عند بابا طاهر همداني؟ الشاعر بسام الكردي أول من قال شعراً بغير العربية أمام يعقوب بن الليث الصَفَّار). الرئيس مسعود بارزاني (العرب والكرد أخوة، لا تلتفتوا لخلافات السياسيين ومشاكلهم، رغم الكوارث التي حلت بكوردستان، احتفظ شعب كوردستان بحبه لأشقائه العرب، لم نحسب تلك الجرائم على الشعب العربي وإنما على الحكام الذين ظلموا العرب والكورد والمكونات الأخرى). الانفتاح الثقافي، قد لا يعجب بعض المتكئين على مقاعِد نِضالهم الوفيرة، لكنَّ أحداً لن يُزايدَ على الرئيس! ومن ذاكرته أبياتَاً يحفظها (إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ، فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ. وَمَن يتهيَّبُ صُعودَ الجبالِ، يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ). وختمَ (ونحن اخترنا صعود الجبال).

دلشاد علي (اللغة الكردية في أحضان الشعر من الجزيري الى نالي) الشاعر بسَّام الكردي قال شعره باللغة الفارسية أمام يعقوب الصفَّار الذي لم يكن يعرف غير الفارسية.

ياسر حسن (كردستان المتخيلة في ظل حكم البعثيين: قصائد الشاعر عبدالرحمن مزوري وخطابات الهوية) والشاعر مُدَرِّس جغرافية استغلَّ جغرافية كردستان للتعبير عن مشاعره القومية برموز الأمكنة كدوال للانتماء القومي. فاضل عمر (حياة الكلمات وكلمات القاتلة) اللغة بالهوية الضعيفة قد تتنازل عن كلمة أصيلة في لغتها بسبب وجودها في لغةٍ أخرى بمعنىً نقيض، ككلمة (زفت) الكردية.

ولا يسعني تحليل قصائد المهرجان، كلُّ قصيدة ككل يومٍ في حياتنا الرَّاهنة، يفرضُ مواجهةً مع تاريخ الكرد وتاريخ الشعر الكردي من خاني إلى مؤيد طيب، والهوية الكردية تتحول ببطءٍ كبير، منذ قال أبو دُلامة (أَبَا مُجْرِمٍ مَا غَيَّرَ الله نعمَةً/ على عَبْدِهِ حَتَّى يغيِّرَهَا العَبْدُ. أَ فِي دَوْلَةِ المنْصُورِ حاوَلْتَ غدرةً/ أَلا إِنَّ أهْلَ الغَدْرِ آباؤُكَ الكُرْدُ)، ونسبه للكرد انتقاصاً، في عصرٍ كانَت اللغة العربيّة رمزاً للمتنور العارف بعلوم الدين، واللغات الأخرى رمزاً لغير المتمدن. ونَسَب أحد الباحثين مقولة (أمسيتُ كرديَّاً وأصبحتُ عربيَّاً) لجلال الدين الرومي، والرومي نَسَبها في مقدمة مثنوي إلى حسين يزدان يار، جَدُّ تلميذه حسام الدين جلبي، وأصلها للكردي تاج الدين أبو الوفا، لم يحسن العربية، وألح عليه المستمعون أنْ يعظهم بالعربية، فوعدهم في اليوم التالي، وبدأ خطبته قائلاً (رقدت كردياً واستيقظت عربياً) .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram