احمد ثامر جهاد
تجربة سينمائية رصينة تقدم سردياتها القاتمة باعلى مستوى من التناغم البصري عبر توظيف حساس لعناصر المكان وزوايا التصوير والاضاءة وباسلوب اعتمد الابيض والاسود سبيلا فنيا مشغولا باحترافية جمالية تسعى لزيادة الاحساس بمرارة وسوداوية هذا الدراما التي اخرجها وشارك في كتابتها " ايفان اوستروخوفسكي"ومن دون التعويل على اية استثارة عاطفية عابرة.
كيف يمكن الحفاظ على خصوصية او استقلالية مدرسة دينية وسط دولة شمولية استبدادية تراقب وتعمل ليل نهار ليكون كل شي تحت سيطرتها، انها "تشيكوسلوفاكيا"ابان الحقبة الشيوعية.
ليس امام طالبي المدرسة اللاهوتية اليافعين سوى خيارين، احلاهما مر، اما التعاون مع سلطة امن الدولة والتحول الى وشاة او الاعتقال والخضوع لصنوف التعذيب. وكأن يسوع الذي تكمن وصاياه وصلواته في قلب الشابين ستستعاد محنته ثانية على يدي اجهزة الامن هذه المرة.
لكن ليس من يخضع للمراقبة يعاني المحنة وحده، بل الرقيب ذاته ضحية من نوع اخر لتعاليم ذلك النظام، ليمضي قطبا المعادلة التراجيدية الاليمة في اسر الوهم الايديولوجي.
افلام سابقة عدة من اوربا الشرقية سعت لقراءة تراكمات الامس القريب والتفتيش عن قصص استثنائية توثق قسوة تلك الحقبة السياسية التي انعدمت فيها حرية الخيارات الفردية. ولنا ان نتذكر هنا سريعا على سبيل المثال لا الحصر فيلمي( حيوات الاخرين) و(وداعا لينين) الذين قدما صورة واقعية دالة عن تلك الفترة الحساسة بين النقد اللاذع والتهكم.
رغم الذي تقدم ليس ثمة مؤسسة ثقافية او دينية او اجتماعية لم تتعاون بشكل او باخر مع السلطات المهيمنة حينذاك، وعليه فان محاكمة الماضي تقتضي اكثر ما تقتضي قدرا كبيرا من المكاشفة الصريحة والجرئية والمنصفة.