علي حسين
تخيل جنابك أن نائبة في برلمان "كلمن إيدو إلو" تُغرد في صفحتها على تويتر: "لإزعاجهم أكثر.. صور مشاركتي كممثلة عن البرلمان العربي في اجتماعات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي في العاصمة كيغالي لجمهورية رواندا". ستسألني مالك ومال حنان الفتلاوي؟،
وسأقول لك ياعزيزي إن نائباً يسخر من الناس، ويعتقد أن في إزعاجهم انتصارا ساحقا له، لا يمكن أن يُمثل العراق في مؤتمرات دولية. قبل أشهر تم طرد وزيرة الثقافة البريطانية من قاعة البرلمان لأنها كتبت على صفحتها في تويتر تسخر من الذين لا يساندون رئيس الوزراء جونسون، ولا تتعجب عزيزي القارئ عندما تعرف أن الذين طردوها هم أعضاء في حزبها الحاكم.
هل حكاية النائبة هي الحكاية الوحيدة حتى يراها البعض غريبة؟.. سبق أن سخر منا الكثير من النواب الذين أعلنوا من داخل قبة البرلمان أن المواطن العراقي يعيش أزهى عصور الرفاهية، فيما وصفنا محمود المشهداني بـ"المهتلفين" وأصر "أبو مازن" على أن يخبرنا أن بيع المناصب داخل البرلمان حق مشروع لمناضل مثله !!
على ذكر راوندا التي تزورها النائبة الفتلاوي، أتمنى عليها أن تطلع على تجربة هذه الدولة التي لا يزال العالم يتذكر كيف أن مئات الآلاف من مواطنيها ذُبحوا لمجرد انتمائهم القبلي، ما يقارب المليون إنسان تقطعت أجسادهم بالمناجل، في معركة بين طائفتين، وكان العالم يشاهد عبر الفضائيات عشرات الألوف من الناس يسيرون خلف بعضهم البعض وعلى رؤوسهم طعام قليل وملابس، كان هذا كل ما يملكون.
والآن التقارير التلفزيونية والصحفية تخبرنا أن رواندا تحولت من "الإبادة الجماعية" إلى عاصمة السياحة في أفريقيا، فقد تغير الوضع حين قرر ساستها أن يبدأوا مشروعاً حقيقياً للمصالحة، وليس مشروعاً على غرار المشاريع الكوميدية التي كان يطلقها عامر الخزاعي، فقد اعتمدت الحكومة سياسة "الاتحاد والمصالحة"، لتحقيق التسامح بين الناس واستئناف العيش المُشترك. وكان أهم قرار أن كثّفت السلطات الجديدة الجهد للقضاء على الفساد المالي والإداري، كما توجّهت السلطات إلى الزراعة كونها النشاط الرئيس للبلاد حينها. وخلال سنوات قليلة، بدأت النتائج تظهر، فقد حققت رواندا أحد أسرع معدلات النمو في العالم، متفوقة على إيطاليا والبرازيل والهند.
يا سادة ياكرام لقد مات مئات العراقيين بسبب خطابات طائفية دون أن يتكرم أحد ويحاسب اصحاب نظريات التوازن في القتل ، لكن نقلت لنا الفضائيات صوراً أخرى لمسؤولين وهم يصرخون في الفضائيات حول المحاصصة التي استبدلوها بالتوازن .
المشكلة لم تكن في تغريدة حنان الفتلاوي ، ولا في مهرجانات احمد الجبوري " ابو مازن " ، ولا في اصرار محمد الحلبوسي على التنقل برشاقة من ضفة الى اخرى ، بل في التهريج الذي يحاصر المواطن العراقي .