بغداد/ المدى
في تموز/ يوليو 2021، وقع العراق، اتفاقا مع لبنان لبيع مليون طن من زيت الوقود الثقيل بالسعر العالمي على أن يكون السداد بالخدمات والسلع، بحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
جاء الاتفاق على وقع معاناة لبنان من أزمة محروقات بسبب عدم فتح الاعتمادات بالدولار من قبل مصرف لبنان لكي يتم استيراد النفط، ما أدى إلى تراجع التغذية بالكهرباء بنسبة تصل إلى 80٪ على الأراضي اللبنانية كافة بما فيها العاصمة بيروت، ويقف اللبنانيون لساعات في انتظار أن يزودوا مركباتهم بالقليل من الوقود، وتتجه المحطات إلى الإقفال قريباً بعد أن وصل المخزون إلى أدنى مستوياته.
كما يعاني لبنان انهيارا اقتصاديا وصفه البنك الدولي بأنه من أعمق حالات الكساد في التاريخ الحديث، وهو ما يهدد استقراره.
وبلغة الأرقام، ينتج العراق 50 ألف متر مكعب من زيت الوقود يوميا، ما يعني أكثر من 18 مليون طن سنويا، يصدر العراق منها سنويا نحو 8 مليون طن، أي نحو 41% من إنتاجه، ويستهلك داخليا المتبقي منها أي نحو 10 مليون طن.
وفي آب/ أغسطس 2022، وافق العراق على تمديد اتفاقية الوقود مع لبنان، لمدة عام جديد، والمعروفة باسم "النفط مقابل الخدمات".
واصدر مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في 9 أغسطس/آب 2022، موافقة على طلب تمديد تزويد لبنان بالفيول – زيت الوقود- لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، لمدة سنة اخرى.
وبينما يقضي الاتفاق بتزويد لبنان بمليون طن سنويا، هذا يعني 10% من الوقود المتبقي للاستهلاك، أو 5% من إنتاج العراق الكلّي من زيت الوقود.
في بيان سابق لوزارة النفط، كانت قد أعلنت "بامتعاض شديد" عن مقدار ما يتسبّب به بيع زيت الوقود إلى المعامل والمصانع المحلية بأسعار مدعومة، من خسائر، حيث أنّ بيع الوقود إلى المعامل الداخلية بدلا من تصديره بأسعاره العالمية يتسبب بخسارة 5 تريليون دينار سنويا بحسب الوزارة، التي بيّنت أنّ "سعر طن زيت الوقود عالميا في الوقت الحالي يبلغ أكثر من 600 دولار للطن".
ووفق ذلك، فإنّ قيمة المليون طن التي من المقرر إرسالها للبنان تبلغ 600 مليون دولار، أي أكثر من نصف مليار دولار.
وإذا ما تم احتساب سعر كيلو التفاح اللبناني بنحو ربع دولار للكيلو، فإنّ قيمة زيت الوقود المرسل من العراق إلى لبنان سيكون قبالتها نحو 2.4 مليار كيلو من التفاح، وهي كمية هائلة من غير المعلوم ماذا سيصنع العراق به، وتستوجب أن يستهلك العراقيون يوميا نحو 7 ملايين كيلو غرام من التفاح.
وتشير دراسات إلى أنّ استهلاك الفرد العراقي من الفواكه عموما شهريا يبلغ 5.4 كيلو غرام، ما يعني نحو 65 كيلو غرام سنويا، ما يعني أنّ مختلف أنواع الفواكه التي يستهلكها 40 مليون عراقي تبلغ 2.5 مليار كيلوغرام، ما ينفي إمكانية استهلاك 2.4 مليار كيلو من التفاح لوحده.
وبموجب اتفاقية الوقود، فتح العراق حسابا في "مصرف لبنان" مقابل المحروقات، يُدار من قبل وزارة الماليّة العراقيّة، لشراء خدمات في داخل لبنان بالليرة اللبنانية وليس بالدولار، ما اجبر العراق حصرا على الذهاب نحو الفواكه واولها "التفاح".
وبما أن لبنان ليس لديه من المصافي ما يؤهله الى ادخال كميات الوقود العراقي للتصفية كي تصبح جاهزة ومناسبة لماكنات محطات الكهرباء، فقد اضطر الى إحالة الكميات الموردة من العراق لصالح شركة طاقة إماراتية تقوم بتصفيته وفقا لمناقصة رسمية.