ناجح المعموري
يمثل ديوان يوسف المحمداوي ذاكرة ذاتية أعادت انتاج المحكيات وما هو يومي ، مألوف ، ومعروف الى سرديات ،
يفتح فيها النص على الرغم من المقطعيات الظاهرة في النصوص ، وما يومئ لهذه الملاحظة التنصيص لملاحظتي النقدية ، عندما قال الشاعر في قصيدته القمر والتي تحولت لديه مروية عندما قال لها :
“ وحين ناحت أمه . . اتجهت صوبه وقلت لها ويا لحسرة القاتل :
“ سالوفة حسنك شاغل بيوت «
تصاعدت مروية النص مستعاداً حضوره المستمر من الرواة وقد تحولت ذات حضور قوي في خزان الذاكرة ، مما صيّرها سردية تراجيدية ، فيها محفز للذاكرة لاستحضار محكيات ليست فردية ، بل هي ثنائية وتشارك بين عاشق ومعشوق لكن الشاعر لعب بالنص الشعبي وصاغه بما يريد ليكرس المأساة وحصرياً بعد اتصال القائد عبد الوهاب الساعدي معزياً . وهنا انحرفت اللغة وذهبت نحو المتداول الشعبي المشحون بالمأساة التي استولدتها الجغرافيا التي نجحت في انتاج تاريخ البطولة .
ركضت تراجي ورنة بتوت
مو كتلي اغسلنك من تموت . . وين الوعد علاوي اريده
فأمطرت مع دموعها كل وجع الجنون ناعية :
اشتاقلك كلساع كلساع
شاع توظيف اللغة الشعبية ، وسيلة التفاهم اليومي بعد سقوط النظام الفاشي وتذكرنا تجربة الشاعر موفق محمد بهذه الظاهرة وقد أطلقت عليها في كتابي النقدي عن موفق محمد « الشفاهية في الشعر « وزاول عدد غير قليل من الشعراء اللغة الشعبية ومنحوها طاقة الحضور القوي بحيث يتصاعد فيها الدارمي الموجع وخصوصاً في نصوص الندب والمراثي . حتى تحولت تجربة موفق محمد مركزاً مؤثراً واتضح هذا في :
ﭽني كبر وأمشي على الكاع . . .
يا موت ماخذ خوش صيدة
من شعريات النصوص استحضار الكامن في شفاهيات الندب النمسوي ، لأن الشاعر وجد بأن المأساة شحنات طاحنة ، لا يقوى الاب على مقاومتها واحتمال الشعور بسطوة الغياب القسري المفاجئ الذي تحول موتاً مخلداً لابنه الذي نقل خبر غيابه أحد القادة الكبار الى يوسف المحمداوي . لكن الاشتياق للابن كل لحظة يفجر متكتمات الرجولة والحياء من الرثاء ومجالدة ما تثيره أصوات النسوة التي زلزلت الهدوء المؤقت باستعادة أصوات الماضي الذي كان وظل متجدداً .
ومع كل هذا الحزن . . .
خلعت ضيمي . . . ومن أجل العراق
ارتديت بدلته الاخيرة لأقاتل
تثير تداعيات الموت المفاجئ لابن يحتاجه الوطن وتصعد أحاسيس المراثي وفقدان كل ما يجعل الحياة مقبولة .
صائمون عن الحب . . .
حتى يأذن الله لنا بانكسار جديد
وبحسين آخره ينحره يزيد . . .
صائمون عن الفرح . . .
شرّعنا الكراهية في دساتير الواجب والمفروض نسبح باسم الجرح .










