اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: حالنا من القانت الى سعدون

العمود الثامن: حالنا من القانت الى سعدون

نشر في: 18 أكتوبر, 2022: 11:06 م

 علي حسين

لا تشغل بالك، عزيزي القارئ بمحاولة الوقوف على معنى وجود المطرب سعدون الساعدي في باحة مدرسة ابتدائية يلقي على الطلبة الصغار دروساً في كيفية أن تصبح مليونيراً من خلال نشيد "صمون عشرة بألف"، ففي الحقيقة أننا نعيش عصر الرثاثة بكل معانيه،

ففي الوقت الذي تعجز فيه الحكومة من توفير مناهج دراسية جديدة للطلبة، يتمكن شخص من تأسيس شركة برأسمال قدره خمسة ملايين دولار، ليستولي بعدها على 840 مليار دولار، ولأننا نعيش في عصر الشركات الوهمية التي لفلفت مليارات الدولارات في وضح النهار، فإن ظاهرة سعدون الساعدي لن تكون غريبة عن مجتمعنا.. قبل عقود كتب الصحفي الشهير أحمد بهاء الدين في عموده اليومي الذي كان ينشره في صحيفة الأهرام عن ظاهرة أحمد عدوية والانفتاح في مصر الذي قضى على الطبقة الوسطى بأن البلاد تحولت إلى "سداح مداح"، فما الغريب حين نقرأ أن صاحب شركة اسمها القانت استطاع بمعاونة أحزاب نافذة أن يتحول إلى ملياردير يشتري بيوتاً في المنصور والجادرية وبنايات في اليرموك، باموال دائرة الضرائب ويحول الباقي إلى بنوك في الخارج..

لا أعلم ما هو شعور عائلة تنتظر أن تتعطف عليها الحكومة وتضع اسمها ضمن قوائم الرعاية الاجتماعية لتستلم نهاية الشهر 200 ألف دينار، وهي تسمع أن أشخاصاً استطاعوا أن يسرقوا تريليونات من الدنانير، وهم مطمئنين إلى أن لا أحد سيحاسبهم.

شركة القانت التي استمدت اسمها من مفردة تدل على الورع ، هي نتاج لمرحلة العشوائيات في إدارة الدولة ، وهي ابنة لمرحلة يراد للقيم أن تنهزم فيها وأن تتوارث البلاد سلالة تسعى لإشاعة الركاكة والرداءة والانتهازية والوصولية. ولهذا يخطئ من يتصور أن فضيحة أموال الضرائب ستكون الأخيرة في سجل فضائح الدولة العراقية، أو أن الذين قاموا بها هم نفر ضالّ لا يمثلون الطبقة السياسية، ذلك أنه من الواضح أننا أمام عملية سطو منظم على مقدرات وثروات البلاد.. ولهذا أجد من العبث ان تخرج علينا هيئة النزاهة ببيانات ثورية عن الإطاحة بالفاسدين، ومن المضحك أن ننظر للأمر من زاوية ضيقة تقول إن القضاء أمر بإجراء تحقيق في القضية، ذلك أن القصة باكملها تعبّر عن غياب وتغييب لمفردة نسيها المواطن العراقي اسمها القانون .

والآن، هل تصدقون معي أن هذه الطبقة السياسية بوضعها الحالي تفتح أبوابها للعدالة الاجتماعية ، وأنها مشغولة، أصلاً، ببناء دولة المؤسسات؟.. فنحن أمام مجموعة تدافع عن سرقة المال العام .

حكاية شركة القانت واطلالة سعدون الساعدي تثبت لنا بالدليل القاطع كيف سرق منا حتى الحلم بمجتمع مستقر مزدهر. وتعالوا نتساءل: لماذا أصبحت غالبية الناس لا تهتم اذا شُكلت الوزارة ام لم تُشكل ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابن بغداد

    لقد دمر هؤلاء كل الاحياء السكنيه الهادئه الجميله في بغداد و حولوها الى ( سوق العوره)

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

 علي حسين ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه...
علي حسين

باليت المدى: عندَ اكتمال القمر

 ستار كاووش قيمة السفر تُكمِنُ في مشاهدة أشياء وتفاصيل وأماكن مختلفة، جديدة، نادرة أو ممتعة. أما إذا إجتمعت كل هذه التفاصيل في مكان واحد مثلَ بارك (ديلا ديساتيل) في مدينة ليل، فهنا عليَّ...
ستار كاووش

قناطر: أين نحن من نخيلنا الذي سرقه العالم

طالب عبد العزيز ملء الشاشة تظهر صورة رجل أنيق، بثياب أهل الخليج الصيفية متحدثاً بمعلومات قيمة عن أحوال مزرعته المزدحمة بالنخل والفاكهة، وتظهر في الصورة نخلة من أحد الاصناف المعروفة لدينا، وقد ثقلت بعذوقها...
طالب عبد العزيز

العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية

د. سامان شالي إن مسألة ما إذا كان العراقيون قد فقدوا الثقة في الديمقراطية أمر معقد ومتعدد الأوجه. لقد كانت رحلة العراق نحو الديمقراطية مضطربة، وتميزت بتحديات وانتكاسات كبيرة. يستكشف هذا المقال الوضع الحالي...
د. سامان شالي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram