TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الدفانة عالية العمية

العمود الثامن: الدفانة عالية العمية

نشر في: 24 أكتوبر, 2022: 10:27 م

 علي حسين

ليس مفاجئاً على الإطلاق أن تستمر عالية نصيف بالجلوس على كرسي البرلمان منذ عام 2006 وحتى لحظة كتابة هذه السطور، فما دام العراق يمر في عصره الهزلي، فلماذا لا تكون عالية نصيف ممثلة لهذا العصر؟، ولماذا لا نصل إلى هذه المرحلة الكوميدية ، ونحن نشاهد نائباً لم يبلغ سن الرشد السياسي يصرخ في الشارع "النائب أعلى من الوزير"، وما دامت الكتل السياسية تتغنى بحكومة الكفاءات ، وفي الوقت نفسة تدخل مزاد المناصب ليصل سعر الوزير إلى عشرات الملايين من الدولارات.

عالية نصيف، التي تعتبر نفسها مفجرة عصر التنمية في العراق، واستطاعت بشطارة أن تلعب على أكثر من حبل، هي النموذج الأمثل لمرحلة الخراب والفشل التي يمر بها العراق؟.

النائبة التي تنقلت "بخفّة ورشاقة" من قائمة الوفاق إلى العراقية البيضاء ثم العراقية الحرة، وأخيراً حطّت رحالها مع دولة القانون، خرجت علينا لتخبرنا أنها بعد أن رفعت شعار ثورة الخدمات وأنجزت بناء المدارس والمستشفيات والمشاريع الخدمية وطورت التعليم، وأعادت الصناعة العراقية إلى مرحلة الازدهار، آن لها أن تكمل المسيرة بأن تفتتح "مغتسل للموتى" لكي يتذكرها العراقيون أحياء وأموات، ولكي تسهل عملية انتقالهم إلى الآخرة بطريقة سهلة.

ولهذا يتخيل القارئ مثلما تخيلت أنا أن السيدة النائبة تعتقد أنّ طريق العراقيين هو الآخرة وليس الدنيا، فالدنيا محجوزة لنواب الصدفة ولجماعة الحوت الأحدب والقانت، ولأحزاب تعتقد أنها هبة الله إلى العراقيين. بهذه الكوميديا الساخرة حوّلت نصيف ما يجري من خراب في العراق إلى سيرك فكاهي، الغلبة فيه للذي يستطيع أن يلقي أكثر عددٍ ممكنٍ من النكات، طبعاً مع الاحتفاظ بأسرار الصفقات المليونية التي دائماً ما نجد النائبة الهمامة طرفاً فيها.

لم تكن السياسة في حالة انعدام وزن، كما هي في العراق. ولم يكن المواطن مسحوقاً بين تصريحات عالية نصيف ونظريات مثنى السامرائي ، كما هو الآن.

لم يحدث في تاريخ الدول أن قرأنا عن لقاءاتٍ في غرف مظلمة بين احزاب من اجل تقاسم الغنائم ، ولم نقرأ ان المناصب تباع لمن يدفع اكثر .

وكما قلت مراراً إن العراق في طوره الهزلي الذي اندلع قبل تسعة عشر عاماً، ثم أخذ الأمر يتطور ويستفحل، حتى تجاوز مرحلة الكوميديا التجارية الرخيصة.

القصة باختصار ايها السادة اننا نعيش في بلاد تستقوي فيها ااحزاب السلطة على المواطن المغلوب على امره ، ويجد البعض ان له في اموال الدولة حق تاريخي وشرعي ، وان المواطن مكانه المقبرة التي ستحرسها التي اوكلت مهمتها الحاجة عالية العمية مع الاعتذار للدفان علي العمية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid muften

    الشعوب تفتخر ببناء مدارس ومستشفيات ونحن نفتخر ببناء مغتسل للموتى بعد أن ماتت ضمائر النواب والحكام.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram