TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من يا طائفة ؟!

العمود الثامن: من يا طائفة ؟!

نشر في: 25 أكتوبر, 2022: 11:46 م

 علي حسين

هل شعر الساسة العراقيون بالاستغراب، وهم يشاهدون بريطانيا الدولة التي استعمرت الهند لأكثر من قرن، تختار مواطناً من أصول هندية ليجلس على كرسي رئيس الوزراء؟. ربما سيقول البعض يارجل هل تريد أن تعقد مقارنات بين الديمقراطية البريطانية الراسخة وديمقراطية سياسيي الصدفة؟..

وسيقول البعض ساخرا إن بريطانيا التي استعمرت العالم، أجهضت النهضة السياسية في العراق ولاتزال تتآمر علينا، بدليل أنها لم تضع تمثالاً نصفياً لحنان الفتلاوي داخل باحة مجلس العموم أسوة بأبرز أعلام السياسة في العالم.

منذ أن أخبرنا رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني بأنه سيختار شخصيات كفوءة ومهنية ونزيهة ومستقلة ، وأطلق على حكومته اسماً براقاً "حكومة الخدمة "، ونحن نعيش اجواء معركة تدور داخل الغرف السياسية المغلقة، الجميع ينتفض من أجل أن لا يتم التجاوز على "الوزن"، كما حدثنا العلامة مثنى السامرائي، فهذا يريد وزارة الدفاع لأحد أقاربه وذاك يريد المالية لتحقيق منافع لحزبه، وهذه النائبة تصرخ أنها أحق بوزارة الصحة، وتلك الكتلة السياسية تعلن أنها ستدافع حتى النفس الأخير عن حصتها في كعكة الحكومة.

كان تولي ابن عائلة مهاجرة هندية اسمه "ريشي سوناك" منصب رئيس وزراء بريطانيا قد أثار إعجاب مئات الآلاف من العراقيين ومعهم بالتأكيد سياسيين، رأوا فيه تكريساً لمبدأ التعددية الدينية والعرقية، لكن هذا الأمر بالنسبة للسياسي العراقي مسموح به في بريطانيا "الكافرة" ، لكن في بلاد النهرين التي لا تزال تتربع على سلم الدول البائسة، فأن الأمر يُصبح تعدياً على حقوق الطائفة، فمن غير المسموح لمواطن مسيحي أن يصبح وزيراً للمالية، أو أن يجلس مواطن إيزيدي على كرسي رئاسة البرلمان، أو أن يحلم مواطن صابئي مجرد حلم بالجلوس على كرسي إحدى الهيئات المستقلة. وفي الوقت الذي تلغي فيه الأنظمة الحديثة الحدود الجغرافية، وتضع فرنسا مواطنة من أصل لبناني وزيرة لثقافتها وتجلسها على كرسي أندريه مالرو، في بلاد تتباهي براسين وفكتور هيغو ومولير وسارتر وسيمون دي بوفوار، لم نسمع أن مواطناً فرنسياً سخر من اللبنانية ريما عبد الملك القادمة من إحدى بلدات لبنان، يصبح البحث عن الأصول والطوائف اختراعاً عراقياً بامتياز، حرم مئات الآلاف من العراقيين من حقوق المواطنة وهجروا وبيعت ممتلكاتهم، لأن القيادة المؤمنة في الثمانينيات كانت تشك في أصولهم. في بلاد الديمقراطية العرجاء نجد نائباً يدعي الاستقلال والمدنية وينتمي إلى حركة تسلقت على جراح شباب تشرين يطالب بمنع قبول الطلبة القادمين من محافظات أخرى من الدراسة في مدارس كربلاء.

ولأن منطق الوطنية غائبٌ والعدالة مقتولة، صار كل شيء معكوساً، الطائفة أولا ثم الوطن، فيما السياسي يُمعن في إساءة استخدام السلطة، لكي يبيع الوطن في بورصة الطوائف .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram