عمـار سـاطع
فجأة تتكشّف كلُّ الأوراق، ويصبح المهووس في توعية القادة والمسؤولين مُداناً مع سبق الإصرار، بل ويضحى مَنْ نصّبَ نفسهُ مُحقِّقاً يُعطي الموعِظة ويكشف أخطاء أولئك الفاسدين، واقفاً أمام المُحقّقين ليعترف عن أفعاله وهو ممسوك بالجرم المشهود!
عندنا في العراق، وبسبب الاختلالات الحاصلة ونتيجة سوء التقديرات، كلّ شيء وارد وكلّ شيء بالإماكن أن يكون، حتى المستحيل قد يحدث، كيف لا وقد تنكشف الحقيقة بكل سهولة من خلال منفذ بسيط أو بصيص قد يفتح آلاف الملفّات الواحدة تلو الأخرى.
نعم.. من المُمكن أن تنقلب الأمور رأساً على عقب في غضون لحظات، ويصبح المُدان بريئاً وقد يحدث العكس، وقد يُطلق سراح البريء ويُزجّ بالمُختلس خلف قضبان السجون، ولكن ذلك كُلّه بحاجة ماسّة الى أدلّة دامغة يصل من خلالها الجميع الى الحقيقة الغائبة وتنتهي حكاية الكذب التي انتشرت وصدّقَ بها من هو أصدق منها.
الواقع الذي نعيشهُ يفرض على المسؤول التعامل مع كلّ الشرائح والفئات، ولكن بدرجات متفاوتة تصل الى حدود مُعيّنة نتيجة انتهاز الباحثين عن المواقع والمناصب على الدرجات الأفضل، بعد أن أوصلتهم الانتخابات أو التعيينات الى المقاعد التي لا يستحقّونها بعد أن جلبتهم أصوات الناخبين والداعمين والمطبّلين الى ما وصلوا اليه!
من السذاجة أن يُترَك مثل هكذا أناس وصلوا بالشهادات المزوّرة الى المواقع القياديّة المهمّة والمؤثرة، وكان وجودهم قد شكّل علامة فارِقة بسبب البحث عن الواجهة والقمّة سويّة، فقد انكشف واقعهم بعد أوّل لكمة سقطوا من خلالها في حلبة الحقيقة وترنّحوا أمام الأدلة التي تعنيهم.
هناك رؤساء أندية رياضيّة واتحادات معنيّة بألعاب مركزيّة مهمّة، وهناك مَنْ زوّر شهادته وهو لا يقرأ ولا يكتب، وهناك من دخل المجال بسبب ضُعف الجهات الحكوميّة المعنيّة، وكانوا يتشبّثون بالحصول على شهادات الدورات التطويريّة لتغطية فضيحتهم المخفيّة، بينما سلك البعض الآخر طُرقاً ملتوية لإخفاء ما يُمكن اخفاءه أمام وزير أو مدير.
ما حدث في الفترات السابقة، وما يجري اليوم هو أشبه بكابوس ضرب الرياضة العراقية وأحدث معه هزّة فعليّة في حقيقة ما حصل من كارثة خلّفتْ وستخلّف المزيد من الصدمات، اسماء رنّانة وشخصيّات مهمّة، وبعض العاملين في وسط تعرّض لخيبات وهزّات، وتأثّر بمُخلّفات قتلت حقائق وأحيت أكاذيب!
أقول.. لا يمكن إيجاد مبرّرات أو مسوّغات لهكذا قضايا عالقة، انكشفت وانفضحت.. شهادات مزوّرة مع سبق الإصرار وفيها وجدت لسنوات شخصيّات وهميّة تعمل وتتفاعل وتقرّر وهي بالأصل مبنيّة على أساس غير قانوني أو صحيح وهو ما يعني أنه تأكيد على مخالفات ومُخلّفات لواقعٍ مؤسِفٍ ومُخزٍ!
وحتى تلك الاتفاقيّات والبرتوكولات التي تم إبرامها والتعاقد على أثرها مع الجهات ذات العلاقة أو الرُعاة، هي غير صحيحة وغير قانونيّة لأن ما بُنيَ على خطأ فهو خطأ، وهو ما يُثير قضيّة البحث في الخفايا أن الأثر الرجعي سيكون مؤكّد في مثل هكذا مواضيع شائكة، لأن الذي تعاقد وأبرَزَ ووقّع هو شخص مُزوّر وغير مؤهّل لإبرام أي شيء.
لقد زجّ المزوّرون أنفسهم في خانة ستضعهم أمام مسألة واضحة من هيئات الإصلاح بدأ من النزاهة والرقابة إضافة الى جهات قانونيّة من محاكم ودور العدل ترتبط فيما بعد بمؤسّسات تنفيذيّة هدفها إصلاح الأخطاء لينال فيما بعد كلّ مزوّر لشهادتهِ جزاءه، حتى يتم تخليص الرياضة من الأخطاء الإداريّة التي وجدت النور لها منذ أعوام مضت.
إن عمليّة الاصلاح الفعلي تبدأ بإنهاء حقبة الأخطاء التي نشأت في بيئة غير صحيحة وأجواء غير سليمة، فكانت تلك فرصة مهمّة لمن هبّ ودبّ أن يدخل الى الرياضة ويُحقّق ذاته ويصل الى احلامه بسبب تهاون القوانين في فترات معيّنة وغضّ البصر عن أفعال أثّرت على الرياضة من نواحي ودفعت باتجاه الحصول على كراسي لا يستحقّها الكثير من الاشخاص الذين تأكّد تزويرهم لشهادات دراسية كانت سبباً في دفعهم للوصول الى المقاعد لما تنصّ عليه الأنظمة الداخليّة واللوائح المُشرعة بناء على القوانين النافذة والمعمول بها.
لا تبرير أمام التزوير.. فالزمان لا يقبل أن يستمرّ الخطأ والاصلاح ينطلق من الواقع الذي نعيشه في يومنا هذا.