علي حسين
منذ أن استخدمت النائبة "المستدامة" عالية نصيف فردة حذائها كوسيلة للتحاور مع النائب سلمان الجميلي، تحوَّلت "القندرة" إلى مفردة عزيزة عند ساستنا، يمكن استخدامها لفظاً ومضموناً عند الحاجة، بدلاً من الحديث عن الإصلاح السياسي وعن الفساد الذي انتشر مثل السرطان بجسد الدولة العرقية،
نجد الجميع يذكروننا بواحدة من أجمل قصص ألف ليلة وليلة وأعني بها حذاء أبو القاسم الطنبوري وكان آخر تقليعات خلط القندرة بالسياسة ما قام به السيد شاسوار عبد الواحد رئيس كتلة الحراك الجديد، عندما رفع حذاءه في مؤتمر صحفي وهو يقول: "من لديه وثائق فساد ضدي فليقدمها وإن لم يفعل فلا فرق عندي بينه وبين هذا، ويقصد بهذا "القندرة".
طبعاً لم تصل مخيلات واضعي ألف ليلة وليلة إلى أن يصبح حذاء عالية نصيف أشهر من حكاية الطنبوري، وان يذكرنا مسؤول كبير بأهمية "القندرة" حين خرج علينا قبل أعوام ليقول: "إن المنصب تحت قندرتي" وقبله اكتشف بهاء الأعرجي أن كل ما يقال عنه ويكتب تحت "القندرة" أيضاً..! لعل حكاية "القندرة والسياسة" قصة طويلة ابتدأت منذ أن لوح الرئيس السوفيتي الراحل خروشوف بحذائه الشهير، في قاعة الأمم المتحدة، ثم أصبح الحذاء فناً وسياسة فكادت أميركا أن تخسر الحرب الباردة بسببه، وضربت الفلبينية أميلدا ماركوس رقماً قياسياً في اقتناء "القنادر" فتسببت في تعجيل الثورة على زوجها، فيما لا يزال العرب يضحكون على "قبقاب" غوار الطوشي.
مع "قنادر" ساستنا سنكتشف أننا نعيش اليوم مشهداً طويلاً من التراجع والتخلف الحضاري.. نعيش في ظل ساسة ومسؤولين لا يملكون مقاييس بسيطة للكفاءة، لم نشهد معهم سوى تراجعاً في التعليم والصحة والخدمات والأمن، وزمن من الخواء الفظيع الذي أصبح فيه حذاء النائبة عالية نصيف علامة نصر يرفعها البعض في وجه خصومه.
كلما تحدث سياسي عراقي أتذكر حكاية سنغافورة ومعجزة لي كوان. وكلما مضت البلاد نحو الخراب، أتذكر حكاية كوريا الجنوبية واستقالة رئيس وزرائها بسبب غرق عبارة، وكلما تذكرت الستمائة مليار دولار التي نهبت خلال الفترة الذهبية لحكم دولة القانون، أتذكر حكايات الشعوب التي تحترم مواطنيها ، ومعها حكاية البرازيلي لولا داسيلفا عندما فاز بالرئاسة عام 2002 حيث فاجأ سيلفا الجماهير في خطابه الأول بعد فوزه الساحق بحمله حذاء على المنصة قائلاً: وصلني اليوم هذا الحذاء هدية من عمدة مدينة ريو دي جانيرو. أعرف أنه يقصد من تلك الهدية أن يذكرني أنني ربما مسحت له يوماً حذاءه أو حذاء والده. لأنني أيامها كنت أعمل ماسح أحذية وأنا طفل فقير وهذا شرف لبلدنا أن يصبح ماسح الأحذية رئيساً للدولة.