TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جملة مفيدة: السوداني.. رهان ومراهنون

جملة مفيدة: السوداني.. رهان ومراهنون

نشر في: 2 نوفمبر, 2022: 12:27 ص

 عبد المنعم الأعسم

لا لومَ كثيرا على الذين يراهنون على رئيس الحكومة الجديد محمد شياع السوداني، فلهم بعض العذر الموصول الى عام انقضى في التجاذب، والتوتر، وحدّ السيوف، والخشية من انهيار الاوضاع، ومهددات انعدام نقطة التوافق على "سائق" يقود القاطرة المتهالكة، "المزنجرة"،

الى مرحلة يلتقطوا خلالها الانفاس المضطربة، أو الحاجة (حتى) الى خطوات تعبر بهم برك الدماء، وتحفظ لهم بقايا سمعة وبطانات، حيث تراجعت حظوظهم (قبل ذلك) الى مناسيب مقلقة في معايير السياسة ومقاييس المعاملات العامة، قبل ان يحولهم "القضاء" الى قدر ويعيدهم الى الملعب.

أكرر.. لا لوم على اولئك الذين وجدوا في السوداني خشبة النجاة من مهاوي الكوابيس، ومخاوف الانواء، واحكام الانشقاق، وانقلاب المعادلات التي آلت إليهم، وشاركهم في ذلك جمهور من اصحاب المصالح "المحددة" ممن يمنون النفس بإبقاء الحال على حاله، كما شاركتهم الموقف ضمن مسافة محسوبة كلّ من طهران وواشنطن لحسابات بائنة، واخرى غاية في التعقيد، ولن يلومهما في ذلك لائم إلّا من يجهل طبيعة المصالح والسياسات والصفقات التي تديرانها، مباشرة، او بواسطة وكلاء.

لكن اللوم (إذا شئنا ان نلوم) يوجه الى الغلوّ في المديح، والافراط في المراهنة، والاستطراد في تعليق الآمال، والنفخ في الجزئيات الادارية، وإطلاق الفرضيات الاستباقية غير المضمونة، والحديث عن منجزات لم تتحقق، وعن رخاء لم يحلّ، وعن امن ونزاهة وفرص عمل وخدمات لا أثر لها في الواقع، واللوم مضاعفاً لمعلقين واصحاب وجهات نظر دخلوا اللعبة مدخل غشّ يحمّل أكتاف الرجل فوق ما تحتمل، ويلوي اعناق الاحتمالات خارج ما هو متوقع.

خلال ذلك طالعنا وسمعنا الاعاجيب عن معجزات في الطريق، وعن مقاربات تصحح وتعدّل وتغير، وعن سوء حظ العراق إذ تأخر في اصطفاء السوداني رئيسا لحكومته، ما يثير الشكوك في صدقية اصحاب هذه البالونات لجهة دعم "المنقذ" بدلا عن دعم مشروع الانقاذ، واحسب ان الرجل لم يكن ليحتاج حفلات الاطراء عن خطوات لم تتخذ بعد، ولا رهانات تزيد من ارباكات مسيرته.

في علم السياسة انْ تراهن على امر لا يتحقق فانت تقامر بأشياء كثيرة، من بينها صدقيتك، وسيكون الرهان باهض التكاليف حين يستخدم في ميدان السياسة والشؤون العامة، والامر هنا يتعدى النيات (الطيبة او السيئة) الى ما هو اخطر وذي صلة بأقدار الدول ومصائرها، حيث تمتد ظواهر ومفارقات المراهنة في عمق التاريخ ووجدت إشارات لها لدى هيرودوتس وفي آثار الفراعنة والفرس والصينيين القدماء والبابليين والإغريق الى حروب الأندلس، وقد استخدمت في القرن الرابع عشر كعلاج للمرض العقلي الذي أصيب به ملك فرنسا شارل السادس، لكن أرسطو صنف المراهنين في كتابه (الأخلاق) ضمن طبقة اللصوص وقطاع الطرق، ولم يسقط هذا التصنيف بمرور الفين وخمسمائة عام.

استدراك: "ليس هنالك شيء أسوأ من باب مغلق"

هيتشكوك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram