محمد حمدي
دخلت مواقع التواصل الإجتماعي برغم أنوفنا الى جميع تفاصيل حياتنا اليوميّة، وصار التأثّر بها وبتداعيات منشوراتها أحّد الأمور المُعتادة يومياً، وقد نمت المواقع بصورة عجيبة وصار لها مرتادون بمئات الآلاف والملايين يوميّاً في ظاهرة إجتماعيّة دخيلة نسخت ما قبلها وتشعّبتْ وتنوّعتْ الى صورة إجتماعيّة تفوق سلبيّاتها أية آثار إيجابية وإن اجتهدنا في البحث!
المُريب في الأمر، إن هذه الصفحات الهلاميّة تُدار في الغالب عبر الأثير من قبل اشخاص مجهولين تماماً أو مُهاجرين يحتمون بحدود أخرى، ولكن بطبيعة الحال يبقى تأثيرها الإجتماعي قائماً طالما اِنطوَت على فضائح وبروباغندا دعائيّة رخيصة بلا حسيب أو رقيب!
وفي الوسط الرياضي والإعلامي لدينا تعيش هذه المواقع والبيجات في ذروة ازدهارها، تُهاجم تارة وتمدح تارة وتُسرّب تارة أخرى، والأكثر إيلاما أنها تؤثّر في الوسط بصورة قاسية، وقد بُنيت على تأثيراتها عشرات القضايا في المحاكم المختصّة، أو المجالس العشائريّة!
الحقيقة وإن كنّا لا نستطيع تحديد أول قضيّة منها بمستوى من الخطورة، ولكن شاع تأثيرها في عام 2010 تقريباً بقضايا كبيرة مسّت الرياضة والرياضيين على أعلى المستويات في وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية والاتحادات وحتى الشخوص الرياضيّة اصحاب المكانات المحترمة، وهي قضية لا تتعلّق بالعراق والوسط الرياضي تحديداً، ولكن تتعدّاه الى أكثر من ذلك بكثير، وفي جميع انحاء العالم الى الحدّ الذي باتت فيه اخبار المواقع تُعتمَد كمصدر خبري في وكالات أنباء وقنوات فضائيّة أيضاً ومنها الباحثة عن المعلومة الفضائحيّة!
سقت هذه المُقدّمة نظراً لما ينشغِل به الوسط الإعلامي الرياضي من تداعيات شكوى الوزير السابق عدنان درجال الى جهاز الأمن الوطني عن هذه المواقع، والتسرّع بإلصاق التُهمة بأحّد الزملاء الصحفيين وردود فعل نقابة الصحفيين إزاء ذلك والإعلام بصورة عامّة، والنتيجة سوف لن تكون بمصلحة المشتكي بأي شِكل من الأشكال حتى وإن وصلت الى القضاء وتبعها ما تبع، لأنها أولاً ذاعت من شهرة الموقع أو البيج وثانياً لأنها خلقت رأياً مُضادّاً لكُثرة الشكاوى التي تطرح على الإعلاميين، وصار لزاماً حيالها وقف مثل تلك الحالات، كما إن القضاء هو الآخر صار لديه مُتّسعاً من الخبرة بالنظر لمثل تلك الوقائع التي تُلامس الرأي العام، ومن المُمكن أن يكون أكثر حِذراً منها أو حتى التعاطي معها.
إزاء هذه الخلطة من الأخبار اليوميّة المتعاقبة بذات المضمون، بل الألغام التي تطرحها مواقع التواصل الإجتماعي الكبيرة والمؤثّرة، أجد من المناسب والمنطقي أن تُسحب القضايا ضد الإعلاميين وعدم ترويجها في المحاكم لأن مردودها سيكون أعمق وأكبر بكثير من رفع الشكوى والاستمرار بها، وأنا على يقين أن الكثير من أصوات العقل والمنطّق تدعو بهذا الاتجاه الذي سيفوّت الفرصة على المواقع المُريبة تنفيذ أهدافها ودقّ إسفين الفرقة والخلاف!
وهذا الموقف إن حصل سيكون مهمّاً وينطوي على نتائج ترفع من شأن المسؤول وتحطّ من قدر مواقع التواصل المُريبة ومن يقوم على إدارتها وتمويلها، كما إن انشغال الوسط الرياضي بمثل هذه الأمور هو تعطيل لأمور أخرى أكثر اهتماماً ومراجعة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار ونحن مقبلون على انطلاق أكبر حدث رياضي عالمي تنظّمه دولة عربية شقيقة ونقصد مونديال الدوحة في قطر 20 تشرين الثاني الحالي، يليه الكثير من الأمور الأخرى المهمّة التي يُتابعها الجمهور بشغفٍ ومنها بطولة كأس الخليج العربي 25 في البصرة، ودوري الكرة، واستحقاقات منتخب الشباب في بطولة آسيا، والكثير أيضاً لألعاب أخرى، أما تحديد مسار الإعلام باتجاه الفضائح وتسقيط الشخوص فهو ما لا نريده ولا نرضاه ولا يجب أن نعيرهُ المزيد من الاهتمام بعد أن أكل كثيراً من جرف إعلامنا الرياضي المشهود له بالمهنيّة والقوّة.