TOP

جريدة المدى > عام > ومضات نقدية عن عروض مهرجان بغداد الدولي للمسرح 1-2 .. عروض جسدية وحوارية بين القمة والهاوية

ومضات نقدية عن عروض مهرجان بغداد الدولي للمسرح 1-2 .. عروض جسدية وحوارية بين القمة والهاوية

نشر في: 6 نوفمبر, 2022: 11:57 م

د.محمد حسين حبيب

للمدة من 20 ولغاية 28 تشرين الاول 2022 تنافست 21 دولة أجنبية وعربية على جوائز مهرجان بغداد الدولي للمسرح، والذي أقامته دائرة السينما والمسرح – وزارة الثقافة العراقية في بغداد،

وتحت شعار (لأن المسرح يضيء الحياة).. كان لكاتب السطور حضور ومتابعة ومشاركة نقدية في المهرجان، فآختار بعض العروض ليكتب عنها ومضات نقدية وبحسب الاتي:

ومضة رقم 1

- مسرحية (طلقة الرحمة) العراق – اخراج محمد مؤيد

محمد مؤيد المجنون انغمارا بحركة الجسد، بلغة الجسد.. في عرضه المهيب هذا.. جعلنا نتيقن ان الجسد يفكر فيمنحنا معنى، ليس أي معنى.. انها المعاني المسكوت عنها والمفضوح عنها هي ذاتها.. انهم (٢٣) جسدا أنتجوا لنا ذلك العدد الكبير من معاني الألم والفجيعة العراقية وبالوثائق الجمالية، وحلقوا بنا نحو عوالم الافتراض الواقعي لكي ننغمر معهم جنونا ونذوب في محطات الوطن المذبوح.. محمد مؤيد جعلنا نتيقن ايضا بان الحركة الجسدية هي نبض الروح.. تسمرت ارواحنا وانغمرت طيلة لحظات العرض لاننا كنا جميعا كمتلقين نرقص ملفوفين بالالم والقسوة والدمار الذي أكل منا ومن الوطن الكثير الكثير ولما يزل.. انها تلك التحولات المشهدية/ السمعيبصرية المصاحبة لتلك الجمل الموسيقية والايقاعية الساحرة بالمتعة وبالجنون الابداعي.

كان افتتاحا مهيبا يليق بالمهرجان وبالمسرح العراقي لانه افتتح بهذا العرض العراقي / العالمي (طلقة الرحمة).. افتتاحا يليق بالعراق.

ومضة نقدية رقم 2

- مسرحية (خلاف) العراق – تاليف واخراج مهند هادي

انها سيرة حياة امرأة تدعى أمل صاغها لنا نصا وعرضا (مهند هادي)، أمل الوريثة الشرعية لحزب أبيها، نضال حزبي ممتد من جيفارا الى أمل يتضمن حكاية اجتماعية سياسية يتمظهر فيها صراعا بين اليمين واليسار نستنتج عنه ان جميع النظريات الحزبية - المتطرفة منها والعلمانية - تؤدي الى القتل على مبدأ من يخالفني فهو عدوي.. حكاية واقعية افترض لها المخرج بيئة غرائبية أحاطت بالفضاء من جميع جوانبه وارضه وأعلاه وفق تحولات منظرية ولونية - وان اصطبغت بالتكرارية - إلا إنها عبرت عن الأزمات والتقاطعات النفسية منها والايديولوجية التي فتحها لها الاخر / المراقب، ملفا تحقيقيا خاصا ليغلقه حيثما يشاء، بعد اثبات فكرة انه صانع الموت لانه الآمر المتحكم والمتعولم على الدوام، والباقون ضحايا.. مجرد ضحايا.

ومضة نقدية رقم 3

مسرحية (بائع متجول) تاليف ارثر ميلر واخراج المعتمد المناصير من الاردن:

مرة اخرى الحكاية الاجتماعية الواقعية لكنها هنا ارتبطت بالاقتصاد من جهة وامتزجت بالرمزية من الناحية الدرامية من جهة اخرى بحسب ما عرف بذلك كاتبها ارثر ميلر.. انها علاقة الاجيال المختلفة نوازعهم ومواقفهم من الحياة بجميع مستوياتها.. انها مرارة الابوين وآلامهما ازاء سذاجة وسخافة اولادهما حين الانحدار اللااخلاقي واللامتوقع.. ومرة أخرى ايضا ينحت المخرج (المعتمد المناصر) بيئة رمزية استندت على الأسرة الحديدية المتحولة الدلالات وفقا للحالة وللموقف الدرامي المراد التعبير عنه، كما سعى المخرج الى اضافة شخصيتين هما العازف والراقص ايمانا منه بتوسعة رؤيته الاخراجية وتفعيلا للمشهدية لكن النص ببعده النفسي لشخصياته ومعاناتهم ظل المهيمن الاكبر برغم جميع الاضافات او الابتكارات الاخراجية.

ومضة نقدية رقم 4

مسرحية – الجزائر، اخراج محمد شرشال GPS

- ( ستكون هناك مسارح بديلة بعدد الشعر الذي في رأسي) هكذا افترض الباحث التشيلي اندريث جونثاليت.. وهذا العرض لصاحبه محمد شرشال احد هذه الاساليب البديلة والمختلفة عن المسرح التقليدي.. انه سيناريو اخراجي معني بالكتابة الاخراجية المنضبطة ورقيا فكرا ورؤية وفلسفة، قبل التعامل مع مكان العرض وسحرية عالمه.. انها اللغة المسرحية التي يمكن فهمها والتفاعل معها ببساطة وادراك من قبل جميع الجنسيات العالمية بمختلف لغاتها ولهجاتها.. لغة الجسد والحركة والصوائت السمعية والتاوهات والضحكات والغنائيات الصادرة من الاداء المتنقل وبقصدية تمسرحية عالية انها تلك الانتقادات الساخرة التي يوجها العرض للحياة والانسانية بمختلف ازمانها وامكنتها انه الصراع المتعدد بالوانه السياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية وموقفنا منه انها تلك الاقتناصات اللماحة وهي تحيط بنا حياتيا وتعصرنا كالليمونة ألما وقهرا واستلابا مثل: الدجل بانواعه، الفساد بانواعه، الانتظار، الاحلام، الخيانات، الاهداف، المحاباة والكذب والحيلة والغدر.. GPS ينحت في الافكار والاشكال والتقلبات والتناقضات الحياتية التي تصب في جحيمنا بسخرية، بلعبة المضحك المبكي شكل العرض انطلاقة جديدة للمهرجان كما انطلقت يوم امس افتتاحيته الدرامية الراقصة مع عرض طلقة الرحمة

ومضة نقدية رقم 5

مسرحية (كلب الست) فلسطين – اخراج فراس ابو صباح

- أثبت هذا العرض ان المسرح فكر أولا، ومن ثم تأتي بقية الأشياء تباعا.. ببساطة منظرية وملحقات أبسط اكتنز العرض بعمق محتواه الدرامي السمعيبصري: نصا واخراجا وتمثيلا وتقنيات وحقق تواصلية عالية في التلقي..معالجا لفكرة (المحتل) الذي يفتعل مسوغات احتلاله كذبا وتسويفا وتعسفا وقسوة واذلالا لجهة احتلاله وناسها الفقراء.. هذا العرض لايختص بالواقع الفلسطيني حسب، بل يفرش بساطه الرمزي والدلالي على جميع البلدان العربية وتحديدا تلك البلدان التي وقعت وترزح اليوم تحت وطئة الاحتلال- العياني منه والمتخفي- والعراق احدها وبجدارة.. يستولون على خيرات بلدك الوفيرة ليطعموك منها باذلال وتجويع..

العرض صرخة مدوية بوجه السفلة والعملاء والخونة.. وحقق تواصلية عالية عبر ايحاءاته وشفراته وعلاماته المتنوعة من السخرية والكوميديا والالم والموسيقى والغناء والرقص ليضعنا في المسرح الذي ينبغي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram