علي حسين
في الخامس والعشرين من أيار عام 2003 استيقظ العراقيون على خبر تناقلته وكالات الأنباء والفضائيات ، فقد أعلن الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر حل القوات المسلحة العراقية .
في شهر تشرين الثاني عام 2022 انشغل العراقيون بتغريدة السيد محمد الحلبوسي الذي بشرهم بأن "فخامته" قرر أن يُعد جيلاً من الشباب يواجهون مصاعب الحياة، ويسهمون في تعزيز منظومة القيم والأخلاق، وقبل أن يضرب البعض أسداساً بأخماس عن ضرورة مصاعب الحياة وقيم الأخلاق، من خلال العودة الى نظام التجنيد الإلزامي .. فيما خرج علينا النواب يهللون ويصفقون، مطالبين بإعادة أمجاد الجيش العراقي، وفي حفلهم الصاخب داخل البرلمان، اعلن السادة النواب أنهم والجيش يد واحدة. وقبل أن يتهمني البعض بأنني أعمل ضد مصلحة الوطن، وأني كاتب أنشر الخراب والأفكار المستوردة، أحب أن أذكركم بأن الذين يتغنون بالجيش هم أول من حمل لواء الكراهية للجيش والقوات الأمنية، وأول من أعلن بوضوح عن ضرورة حل الجيش، وأول من سعى إلى أن يطمس دور الجيش في معارك الخلاص من عصابات داعش الإرهابية، بحيث غابت صورة قادة عسكريين في العديد من صفحات الساسة والنواب، فيما أصرت بعض الفضائيات على أن تجعل من الجيش الرقم الثاني في المعركة.
الناس تعرف جيداً أن ساستنا الأفاضل أبدلوا ملفات مهمة مثل الخدمات والتنمية والصحة والتعليم والبطالة والسكن بملف واحد هو" تقاسم المنافع والمناصب"، اليوم يتساءل العراقيون: هل الحديث عن الخدمة العسكرية يمكن أن يعوضهم، سنوات من التخبط والارتجالية والمحسوبية والانتهازية التي مارسها العديد من السياسيين؟، وهل سيكون هذا الجيش بديلاً عن الجماعات المسلحة التي تعتقد أن سلاحها فوق الدولة؟، وهل قانون التجنيد سيطبق على شباب العراق جميعاً، أم سيكون هناك أمراء وفقراء؟، للأسف بدلاً من أن يكون سعي مجلس النواب إلى يكون العراق تاريخاً من التنمية والازدهار، يصرون على تحويله إلى سلسلة طويلة من التجارب الفاشلة في الحكم، مرة بالحديث عن قوانين الأخلاق والفضيلة ومرة بالحديث الكوميدي عن النزاهة، ومرات عدة بالسعي إلى إقصاء الآخرين بكل وسائل الاجتثاث.
اليوم نحن في محنة، ليست الأولى، وقد لا تكون الأخيرة. وأصعب المحن هي المتعلقة بإقرار قوانين تهم حياة الناس اليومية. البرلمان لم يعالج أزمات الفقر والسكن والبطالة، ولم يوجه دعوة للأكفاء. بل السبب كان دوماً تحاشي التخطيط المستقبلي، والوقوع في دوامات الفشل.
من حقنا أن نطالب بأن تقر قوانين تحافظ على مكانة الجيش العراقي ويكون للجيش الدور المحوري في هذه البلاد، وأن لا نسمح بأن يخرج علينا شخص يطالب بالقصاص من الجيش، في مثل هذه اللحظات علينا جميعاً أن ندرك، أن بناء البلدان لا يتم بشعارات مضحكة ، ولا باستعراضات نواب لم يبلغوا سن الرشد السياسي .