TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: جيش وجيش !!

العمود الثامن: جيش وجيش !!

نشر في: 7 نوفمبر, 2022: 12:12 ص

 علي حسين

في الخامس والعشرين من أيار عام 2003 استيقظ العراقيون على خبر تناقلته وكالات الأنباء والفضائيات ، فقد أعلن الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر حل القوات المسلحة العراقية .

في شهر تشرين الثاني عام 2022 انشغل العراقيون بتغريدة السيد محمد الحلبوسي الذي بشرهم بأن "فخامته" قرر أن يُعد جيلاً من الشباب يواجهون مصاعب الحياة، ويسهمون في تعزيز منظومة القيم والأخلاق، وقبل أن يضرب البعض أسداساً بأخماس عن ضرورة مصاعب الحياة وقيم الأخلاق، من خلال العودة الى نظام التجنيد الإلزامي .. فيما خرج علينا النواب يهللون ويصفقون، مطالبين بإعادة أمجاد الجيش العراقي، وفي حفلهم الصاخب داخل البرلمان، اعلن السادة النواب أنهم والجيش يد واحدة. وقبل أن يتهمني البعض بأنني أعمل ضد مصلحة الوطن، وأني كاتب أنشر الخراب والأفكار المستوردة، أحب أن أذكركم بأن الذين يتغنون بالجيش هم أول من حمل لواء الكراهية للجيش والقوات الأمنية، وأول من أعلن بوضوح عن ضرورة حل الجيش، وأول من سعى إلى أن يطمس دور الجيش في معارك الخلاص من عصابات داعش الإرهابية، بحيث غابت صورة قادة عسكريين في العديد من صفحات الساسة والنواب، فيما أصرت بعض الفضائيات على أن تجعل من الجيش الرقم الثاني في المعركة.

الناس تعرف جيداً أن ساستنا الأفاضل أبدلوا ملفات مهمة مثل الخدمات والتنمية والصحة والتعليم والبطالة والسكن بملف واحد هو" تقاسم المنافع والمناصب"، اليوم يتساءل العراقيون: هل الحديث عن الخدمة العسكرية يمكن أن يعوضهم، سنوات من التخبط والارتجالية والمحسوبية والانتهازية التي مارسها العديد من السياسيين؟، وهل سيكون هذا الجيش بديلاً عن الجماعات المسلحة التي تعتقد أن سلاحها فوق الدولة؟، وهل قانون التجنيد سيطبق على شباب العراق جميعاً، أم سيكون هناك أمراء وفقراء؟، للأسف بدلاً من أن يكون سعي مجلس النواب إلى يكون العراق تاريخاً من التنمية والازدهار، يصرون على تحويله إلى سلسلة طويلة من التجارب الفاشلة في الحكم، مرة بالحديث عن قوانين الأخلاق والفضيلة ومرة بالحديث الكوميدي عن النزاهة، ومرات عدة بالسعي إلى إقصاء الآخرين بكل وسائل الاجتثاث.

اليوم نحن في محنة، ليست الأولى، وقد لا تكون الأخيرة. وأصعب المحن هي المتعلقة بإقرار قوانين تهم حياة الناس اليومية. البرلمان لم يعالج أزمات الفقر والسكن والبطالة، ولم يوجه دعوة للأكفاء. بل السبب كان دوماً تحاشي التخطيط المستقبلي، والوقوع في دوامات الفشل.

من حقنا أن نطالب بأن تقر قوانين تحافظ على مكانة الجيش العراقي ويكون للجيش الدور المحوري في هذه البلاد، وأن لا نسمح بأن يخرج علينا شخص يطالب بالقصاص من الجيش، في مثل هذه اللحظات علينا جميعاً أن ندرك، أن بناء البلدان لا يتم بشعارات مضحكة ، ولا باستعراضات نواب لم يبلغوا سن الرشد السياسي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram