رعد العراقي
ليلة 20 تشرين الثاني 2022 سيكتب التأريخ أن دوحة العرب كسبت التحدّي وطوّعت الصعاب واحتضنت العالم بين جناحها الآمن لتعلن انطلاق نهائيّات كأس العالم لأوّل مرّة من بلاد العرب والشرق الأوسط.
لا شكّ أن الإخوة القطريين برؤيتهم الثاقبة وعزيمتهم الصلبة سيعبرون خطوط النجاح لحدود الإبهار التي ستُحرج كل من استضاف البطولات السابقة وحتى من يراهن على استضافتها مستقبلاً.
سرّ التفوّق باحتضان المونديال العالمي يكمن في اختلاف مفهوم وعوامل استضافة الحدث بين قطر والدول الأخرى، فكأس العالم باتت قضيّة تحدي وطنية يحظى بمتابعة واهتمام بلد بأكمله بدءاً من أعلى سُلطة في الهرم القيادي ونزولاً لأبسط مواطن جميعهم يعملون من أجل حاضر ومستقبل قطر التي ستكون على موعد جديد بارتداء ثوب العالميّة في الإدارة والتنظيم والقدرات الخلاقةغير آبهة لهدف الحصول على العوائد الماليّة التي غالباً ما تكون هي الغاية الرئيسة لأغلب البلدان التي تطمح أن يدرَّ عليها الملايين من الدولارات في وقت أن الدوحة فتحت الخزائن الماليّة وطوّعت كل مسالك الانفاق واستحدثت وسائل متطوّرة تسهم في تقديم الخدمات وتسهيل تنقّل الجماهير بأيسر الطرق ستمكّن لأوّل مرّة من قدرة الجمهور على حضور مباراتين في ملعبين مختلفين وبأوقات متعاقبة.
لم يكن انتزاع حقّ التنظيم للحدث العالمي يسيراً برغم تقديم قطر ملفٍّ متكاملٍ فقد واجهت صعوبات في العلن والخفاء وبذرائع مختلفة ظاهرها إنساني وبعضها تشكيك بالقدرات وباطنها سياسي وعنصري مفضوح ارتفعت معه الأصوات المُعارضة التي يبدو أنها باتت تدرك ما تخبّئه قطر العربية من نجاح يجرح الكبرياء ويضعهم في حرج المقارنة مع قدراتهم التنظيميّة حتى وصل بهم الأمر أن أخرجوا كبيرهم السابق جوزيف بلاتر ليطعن بالاختيار الذي كان هو من بصم بيده ونطق بلسانهٍ عنه وبابتسامة وجهه المُعبّرة فرحاً وقناعة!
اليوم كلّ العرب مطالبين بالوقوف مع أرض الدوحة إعلاميّاً ومعنويّاً من أجل أن نعبر معها اختبار العالميّة ونوصل صوتنا الحضاري لكلّ بقاع العالم كشعوب مسالمة تحبّ الحياة وتصنع المستحيل ولها دور بكتابة التأريخ في الماضي والحاضر والمستقبل .
هيّا الى قطر.. نقولها لمن سيبتسم له الحظّ ويحظى بفرصة حضور المونديال ليسهم في الحدث ويستلهم الدرس في التنظيم والبناء والتطوّر ويشاهد بقرب ما وصلت اليه منتخبات العالم، ويكتشف خبايا النجاح وأسراره، أما من لم تسعفه ظروفه وامكاناته من نيل تلك الفرصة فلا يقنط ولا يحزن!
بقلوبنا سنكون مع قطر والمنتخبات العربيّة حتى وإن بعُدَتْ المسافات، فيكفينا فخراً أن كأس العالم يقام بين أحضان العرب شاء من شاء وأبى من أبى!