علي حسين
لعلّ أسوأ ما يحدث للكاتب ، أن لا يجد موضوعاً يملأ به هذه المساحة سوى الحديث عن نواب الصدفة، ومتابعة آخر أخبار النائب حمد سميث رائد الاقتصاد النهبي في بلاد الرافدين، فيما تحاصرنا كل يوم أخبار البلدان التي تتحول إلى الطاقة الخضراء، في الوقت الذي لا نزال نقرأ المعلقات عن مكرمة الحكومة بتوزيع النفط الأبيض على المواطنين.
ماذا نفعل ياسادة عندما نجد الخراب يحاصرنا من كل الزوايا؟ وعندما تحتفل نائبة، وبالبث المباشر تحيطها الحمايات، بإعادة نصب مولد كهرباء؟، ولم تنس النائبة أن تكمل المشهد "الإعماري" الزاهر بفرقة موسيقية وبنثر الحلوى على "المولد". بماذا يذكرك هذا الإنجاز التاريخي الذي عجزت اليابان وسنغافورة والإمارات عن تحقيقه؟، أنا يذكرني بالنشيد الذي كتب ولحن ابتهاجاً بالمنجزات الكبيرة التي كانت قد حققتها وزيرة الصحة السابقة عديلة حمود.
هل تشاهدون الصور المؤلمة التي تضج بها مواقع التواصل الاجتماعي حول أوضاع مستشفياتنا التي تفتقر لأبسط الخدمات والأجهزة الطبية، في الوقت الذي نهبت عشرات المليارات من موازنة وزارة الصحة في زمن "أتقياء الديمقراطية "؟، الأقسى من كل ذلك أننا من جديد نتجرّع الحقيقة بمذاقها المرّ، وهي أنّ المواطن بلا ثمن، ولا أهمية، مجرّد رقم يضاف إلى سجلات الموتى، ومن ثم فلا تسألوا عن المتسبّب في عدم توفر أجهزة طبية متطورة في مستشفيات بلاد تصدر يومياً أكثر من أربعة ملايين برميل نفط، مثلما لا يحق لكم أن تسألوا لماذا تصر أحزاب السلطة على أن يبقى العراق بلا صناعة ولا زراعة ولا كهرباء، مثلما ليس من حقكم أن تسألوا هل تمت محاسبة الوزيرة السابقة عديلة حمود؟ والتي حولت وزارة الصحة آنذاك إلى شركة مساهمة يديرها أقاربها، وكان يقال لنا ليس من حقكم أن تسألوا هل تمت محاسبة عديلة حمود؟ بل أن البعض أخذ يمنحها الأوسمة والنياشين ويضع على كتفها العلم العراقي.
في هذه البلاد التي تتغنى بالديمقراطية، عشنا وشفنا، مسؤولين سرقوا المليارات تحت سمع وبصر الحكومة، لكنهم لا يزالون يطلبون من الشعب أن يهتف لهم في الساحات، ولأنني مواطن جاهل لم أكن أعي أنه في هذه البلاد لم يعد مسموحاً للمسؤول أن يعتذر لهذا الشعب، حتى وإن وضع البلاد على أعلى درجات سلم الخراب، منذ سنوات ونحن نعيش في ظل مزاد الاستعراضات والخطابات.. وأصبح المسؤولون حيتاناً للصفقات والمقاولات والعمولات، من سأل التكنوقراط نعيم عبعوب من أين له كل هذه الأموال التي اشترى بها القصور والفلل في بيروت ودبي؟، ولا نزال في حيرة من أمرنا بعد أن تمكن حسين الشهرستاني بشطارته أن يضع العراق في سلم البؤس العالمي.