علي حسين
منذ أن دخلنا عالم السوشيال ميديا، لاحظتُ أن الكثيرين لا يتعاطون إلا في القضايا الكبرى التي تتعلق بإصرار عالية نصيف على احتلال الفضائيات. والحمد لله قضايا ساستنا كثيرة وطريفة وخفيفة وأحياناً تكون مضحكة، ولذا لا أحد منا ينتبه إلى ما تقوله هذه البرلمانية المخضرمة، فلم تتوقف يوماً عن توجيه سهامها إلى الدول العربية التي زارها آنذاك رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي،
بل ذهب بها الخيال إلى حد أن تخبرنا، بكل أريحية، أن الإمارات هي التي تمنح المناصب في العراق، وكنت سأصفق للنائبة الهمامة التي ترفع شعار السيادة، لو لا أن النائبة عالية نصيف، بشحمها ولحمها، لم تصمت هذه الأيام وهي تقرأ وتشاهد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يزور الأردن والكويت .
منذ سنوات لا يمر يوم على المواطن العراقي، إلا ويجد خبراً عاجلاً يؤكد أصحابه أنهم منحوا سلطان أنقرة 24 ساعة لسحب قواته من العراق، وعشنا مع تحذيرات الجعفري تحولات كبرى ابتدأت بالساعات ثم تحولت إلى أشهر، وفوجئنا أخيراً بأن هذه التحذيرات أصبحت من الماضي.
واسمحوا لي أن أعتذر من قرّاء أعزّاء يعاتبونني دائماً: لماذا، لا تتوقف عن متابعة يوميّات السياسيين، ألا تشعر بالملل؟ سؤال أراه وجيهاً مئة بالمئة، ومطلوب من "جنابي" أن يكون جوابه أكثر وجاهة، فأنا ياسادتي الأعزّاء، مجرّد كاتب مطلوب منه يومياً أن يملأ هذه المساحة بكل ما هو غريب وعجيب في بلاد الرافدين في زمن الديمقراطية، ورغم أن البعض، "مشكوراً"، يتهمني بأنني "لا يعجبني العجب"، لكني ياسادة أحاول أن أبحث في هذا العجب لأنقل لكم أخبار "أبو مازن" أحمد الجبوري الذي يطالب بإجراء تحقيق دولي عن عمليات الفساد، طبعاً لا فرق بين استعراضات "أبو مازن"، واستعراض مجلس النواب وهو يفرد عضلاته ضد من ينتقده، سوى أن "أبو مازن" يغلف استعراضاته بابتسامته "الساحرة" وتأكيده على أن الشعب لا ينام قبل أن يقبل صورة "سيادته" ويضعها تحت المخدة، فيما يزعم مجلس النواب أنه يقدم عملاً وطنياً وخدمة جليلة لشعب بلاد الرافدين. ولهذا استحق "أبو مازن" أن تفتح له استوديوهات الفضائيات كي تتحدث عن نضاله الوطني من أجل إشاعة روح الرقص بين المواطنين، واستحق النواب "الأفاضل" أن ينعموا بالامتيازات والرواتب من دون أن تطأ أقدام الكثيرين منهم قاعة المجلس .
البعض متهكّماً، وماذا بعد يارجل؟ لماذا تصرّ على تذكيرنا بـ"النوائب"، عادوا أم لم يعودوا، لن تفرق كثيراً، بل إنّ عودتهم ستكلّف الميزانية الكثير من الأموال، كما أنها ستعطّل مصالح الناس، وتشيع بالجو كميات إضافية من الخطب التي من شأنها أن تفاقم أزمة الاحتقان الطائفي، فما الذي سيجنيه الناس من برلمان سيُعيد إلى مسامعهم الخطب نفسها وستمتلئ شاشات الفضائيّات بمعارك تاريخية عن التوازن الطائفي .