اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: البحث عن هيثم الجبوري في الصين

العمود الثامن: البحث عن هيثم الجبوري في الصين

نشر في: 1 ديسمبر, 2022: 12:24 ص

 علي حسين

كنت أنوي الكتابة عن الزعيم الصيني "جيانغ زيمين" الذي رحل عن عالمنا أمس والذي يوصف بأنه قائد نهضة الصين الحديثة، إلا أن خبر إلقاء القبض على البروفيسور الاقتصادي هيثم الجبوري باني نهضة العمولات والسرقات في العراق الحديث، وضعني في حيرة،

فهل هناك مواطن عراقي يمكن أن يهتم بخبر رحيل رجل يعيش في أقاصي الأرض عاش 96 عاماً، وكان رئيساً لأكبر كتلة بشرية على الأرض؟ ويترك اخبار نائب طالما اتحفنا بنظريات حديثة عن الخراب والتخلف .. لكن ياسادة علينا أن نعرف أنه في تجارب الشعوب التي طالما أتمنى أن يتعلّم منها ساستنا نجد صوراً لزعامات حقيقية قدّمت لشعوبها الأفعال بدلاً من لغة الانتهازية والصفقات.

عندما قرر الزعيم الصيني دينغ شياو بينغ عام 1989 أن يعين جيانغ زيمين خلفاً له، سخر البعض من هذا الاختيار فصاحب المظهر الممل والنظارات الكبيرة والذي تعود أن يرفع سرواله إلى صدره يبدو للجميع أشبه بموظف بيروقراطي مزعج.

كان شياو بينغ قد أدرك أن التنمية هي فرصة بلاده الوحيدة، فتبنى مبدأ العمل المتواصل ريثما تلحق الصين بركب الدول. لكن المعجزة الصينية لم تتحقق نتيجة عمل قلة متربعة على القمة، بل إن الشعب الصيني كله شارك في العزم والتصميم لإثبات قدرته على النجاح. ليست أسطورة أو خرافة أن الصينيين يعملون كفريق أو شركة واحدة، فلكل فرد دوره المحدد ومكانه الدقيق والمناسب. يقول توماس فريدمان: "إن المشكلة التي تقلق الأمريكان، أنهم يواجهون شعباً من المهرة والحرفيين، لا يتنقلون من عمل إلى آخر ولا يتغيبون إلا في حالة الطوارئ القصوى".

اعتقد الكثيرون في الصين ان جيانغ زيمين لن يكون إلا شخصية عابرة. ولكنه خيب ظنهم، عندما أطلق حملة كبرى تهدف إلى تحديث البلاد، حيث أبدى تأييده لحزمة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية قضت على نمطالاقتصاد الاشتراكي ، واستبدلته بنمط من اقتصاد السوق يخضع لسيطرة الدولة. وعندما تنحى عن السلطة عام 2003 كانت أصبحت الصين قد تحولت الى عملاق اقتصادي .

في العراق الذي طارد خبيراً اقتصادياً مثل سنان الشبيبي من أجل عيون هيثم الجبوري، سنجد أن كل شيء يؤدي إلى العبث، وقمة العبث أن يعرف المواطن أن موظفاً بسيطاً مثل هيثم الجبوري تحول بفضل كرسي البرلمان إلى ملياردير، وأن هناك المئات من أمثال الجبوري لا يريد أحد أن يسألهم من أين نزلت عليهم كل هذه الثروات.. قال جيانغ زيمين في أول خطاب له بعد استلامه السلطه عام 1993 إن الخطر الأكبر الذي يواجه الصين هو أن يتوهم بعض قادة الحزب بأن المال العام يمكن أن يتحول إلى مال خاص، في الوقت الذي لا يعرف المواطن العراقي حتى هذه اللحظة كيف تحولت موازنات الدولة إلى مصرف جيب لقادة العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid muften

    سيطلق سراحه بكفالة تضامناً مع صاحب الحوت الأحدب لأنهم حيتان يسبحان في بحر الفساد السياسي .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

 علي حسين ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه...
علي حسين

باليت المدى: عندَ اكتمال القمر

 ستار كاووش قيمة السفر تُكمِنُ في مشاهدة أشياء وتفاصيل وأماكن مختلفة، جديدة، نادرة أو ممتعة. أما إذا إجتمعت كل هذه التفاصيل في مكان واحد مثلَ بارك (ديلا ديساتيل) في مدينة ليل، فهنا عليَّ...
ستار كاووش

قناطر: أين نحن من نخيلنا الذي سرقه العالم

طالب عبد العزيز ملء الشاشة تظهر صورة رجل أنيق، بثياب أهل الخليج الصيفية متحدثاً بمعلومات قيمة عن أحوال مزرعته المزدحمة بالنخل والفاكهة، وتظهر في الصورة نخلة من أحد الاصناف المعروفة لدينا، وقد ثقلت بعذوقها...
طالب عبد العزيز

العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية

د. سامان شالي إن مسألة ما إذا كان العراقيون قد فقدوا الثقة في الديمقراطية أمر معقد ومتعدد الأوجه. لقد كانت رحلة العراق نحو الديمقراطية مضطربة، وتميزت بتحديات وانتكاسات كبيرة. يستكشف هذا المقال الوضع الحالي...
د. سامان شالي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram