TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: شرطة اخلاق في البرلمان العراقي

العمود الثامن: شرطة اخلاق في البرلمان العراقي

نشر في: 4 ديسمبر, 2022: 10:36 م

 علي حسين

ما معنى أن يصدر قرار المدعي العام الإيراني بإلغاء شرطة الأخلاق، بعد 15 عاماً على تأسيسها، وبعد تحرّكات احتجاجية اندلعت منذ وفاة الشابة مهسا أميني ؟، يعني أن الشعوب بإمكانها أن تفرض شروطها على الحكام، رغم قسوة المواجهات وعنف الأجهزة الأمنية.

منذ أن اعترف المرحوم أفلاطون بأنّ العدالة هي حكم الأكثر كفاءة، والناس يبحثون عن أصحاب الكفاءات الذين يملأون الأرض منجزاً وصدقاً، وليس عن أصحاب الخطب والمواعظ واشعارات. وكما أخبرنا صاحب الجمهورية يوماً، أن الدولة وجدت لتوفير حياة مرفّهة وآمنة لمواطنيها، وأن تكون هناك حياة كريمة، يتوفر لها مواطنون شجعان. وتذكر جنابك أنّنا في بلاد الرافدين حرفنا كلمة تنمية إلى كلمة فضيلة وكنا سنصفق لو ان الفضيلة التي ينادون بها حقيقية ، ولكنها فضائل زائفة تسامح السارق والنصّاب، وتُنزل العقاب بكل من يطالب بإقامة دولة العدالة الاجتماعية، لأنه كافر ويريد تخريب المجتمع.

الجزء الأكبر من أخبار بلاد الرافدين مؤسف إن لم يكن مضحكاً، وما بين الإصرار على تشريع قانون جرائم المعلوماتية، وتاسيس شرطة اخلاق برلمانية واختفاء أصوات النواب الذين دخلوا قبة البرلمان بفضل احتجاجات تشرين، نجد النواب الذين قدموا لنا مشهداً كوميدياً عندما ذهبوا إلى البرلمان بعربة "تكتك"، يغطون هذه الايام في نوم برلماني طويل.

اندلعت الاحتجاجات في العراق من أجل أن يدخل العراقيون كسائر البشر، عصر الحياة والرفاهية، والخروج من ذلّ الخوف وفقدان الأمن والأمان.. يا أعزائي النواب الناس تريد أن تقرأ أرقام النموّ ومعدّلات التنمية، فقد ملـُّوا من مشاهد الأكفان التي رافقت تاريخ هذه البلاد المظلومة.

للأسف الديمقراطية في العراق تتحول يوماً بعد آخر من ممارسة حضارية تستند إلى القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى حروب ومعارك من اجل المنافع والمناصب.

في خضم الحماسة البرلمانية لقانون جرائم المعلوماتية ينسى البعض أن التصدي للسياسة يعني أن تكون قادراً على صنع موقف والدفاع عنه، يعني أن تؤمن بأنه قد تأتيك ثقة الناس في لحظة لكي تقوم بدور حقيقي .

توضع القوانين لا شرطة الأمر بالمعروف او الاخلاق من أجل حماية حقوق الناس، وتصبح مرجعاً نهائياً لنزاعاتهم وخلافاتهم، وبالقانون لا بالنهي عن المنكر يبنى الاستقرار والتنمية وتنشأ الدول.

أليس من المؤلم أن يكون قدرالشعوب موكلا لمثل هذه الأفكار والنظريات؟ واسيرا لثقافة ترى في نفسها أنها ظل الله على الأرض، ثقافة لا تخفي حنينها لحملة القائد الضرورة الإيمانية؟، نحن نفقد البصر والبصيرة حين نسيء استخدام العقل، ويصبح الجهل شعار المرحلة.

ياسادة عندما يدمّر السياسي، مؤسسات الدولة، بدلاً من تطويرها على أسس ديمقراطية، فهو يهين الدماء والأرواح التي قدّمها العراقيون على مدى عقود طويلة من أجل أن يتنفس أبناؤهم هواء الحرية الحقيقية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram