عبد المنعم الأعسم
تُحمّل الامم المتحدة وفق "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006" الحكومات المسؤولية المباشرة عن مصائر اولئك الذين اختطفوا وغيبوا، وتكون تحت طائلة الحساب والمساءلة في حال اهملت هذه المسؤولية او حتى عجزت عن ملاحقة المجرمين،
وفي السجل الدولي ثمة الكثير من الحالات التي اضطرت فيها حكومات الى الاستقالة في حال لم تتمكن من اقناع الرأي العام بجدية البحث عن المختفين قسريا، ويمكن بهذا الصدد قراءة ملف المغيبين في تشيلي بأمريكا اللاتينية ومسؤولية الدكتاتور اغستينو بينوشيت الذي حكم بلاده بين 1973 و1990 واعتقاله في لندن العام 1998 وتسليمه الى سلطات بلاده بعد سنوات.
المادة 12 من الاتفاقية (الفقرة 1) تلتزم الدول الموقعة بالتحرك على وجه السرعة لملاحقة المجرمين بان “تكفل لمن يدعي أن شخصا ما وقع ضحية اختفاء قسري حق إبلاغ السلطات المختصة بالوقائع وتقوم هذه السلطات ببحث الادعاء بحثا سريعا ونزيها وتجري عند اللزوم ودون تأخير تحقيقا متعمقا ونزيها. وتتخذ تدابير ملائمة عند الاقتضاء لضمان حماية الشاكي والشهود وأقارب الشخص المختفي والمدافعين عنهم، فضلا عن المشتركين في التحقيق، من أي سوء معاملة أو ترهيب بسبب الشكوى المقدمة أو أية شهادة يدلى بها” ثم، في (الفقرة 2) تجري السلطات “تحقيقا حتى لو لم تقدم أيةشكوى رسمية” ويشار ايضا الى ضرورة تأمين الصلاحيات والموارد اللازمة لسلطات الملاحقة والتحقيق “بما في ذلك إمكانية الاطلاع على الوثائق وغيرها من المعلومات ذات الصلة بالتحقيق الذي تجريه” فضلا عن “سبل الوصول، وعند الضرورة بإذن مسبق من محكمة تبت في الأمر في أسرع وقت ممكن، إلى مكان الاحتجاز وأي مكان آخر تحمل أسبابا معقولة على الاعتقاد بأن الشخص المختفي موجود فيه” كما جاء في (الفقرة 4) .
وتنزع الاتفاقية الصفة السياسية من جرائم الاختفاء القسري في حالة واحدة حين يكون المتهم بارتكاب هذه الجريمة قد قبض عليه في دولة اخرى، حتى لا تستخدم الصفة في الحيلولة دون تسليمه الى حكومته ( حالة بينوشيت). وفي المادة (13) تحديد دقيق لاليات تعامل الدول الموقعة على الاتفاقية مع المجرمين وسبل تسليمهم فجريمة الاختفاء "لا تعتبر جريمة سياسية، أو جريمة متصلة بجريمة سياسية، أو جريمة تكمن وراءها دوافع سياسية. وبالتالي، لا يجوز لهذا السبب وحده رفض طلب تسليم يستند إلى مثل هذه الجريمة، وفي الفقرة (3) اشارة الى التزام دول الاتفاقية "بإدراج جريمة الاختفاء القسري ضمن الجرائم المسوغة للتسليم في كل معاهدة تسليم تبرمها لاحقا فيما بينها" وتمنع الاتفاقية تذرع بعض الدول بعدم وجود اتفاقيات بينها تلزم بتسليم المطلوبين، فتعد الفقرة (4) هذه الاتفاقية "بمثابة الأساس القانوني للتسليم فيما يتعلق بجريمة الاختفاء القسري" وطبعا لا تجيز الفقرات اللاحقة للحكومات التصرف خارج موصوف الاختفاء القسري بغرض "ملاحقة الشخص أو معاقبته بسبب نوع جنسه أو عرقه أو دينه أو جنسيته أو أصله الإثني أو آرائه السياسية، أو انتمائه إلى جماعة اجتماعية معينة" ولهذا معالجات في اتفاقيات ومعاهدات اخرى..
وله ابطال واسنان ومشانق.
استدراك
"من زرع الإحن حصد المحن".
الزمخشري