TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ماذا بقي من التغيير؟

العمود الثامن: ماذا بقي من التغيير؟

نشر في: 11 ديسمبر, 2022: 11:19 م

 علي حسين

نقلب في أخبار بلاد الرافدين ذات اليمين وذات الشمال عسى أن نجد أحد مسؤولينا يمارس فضيلة مراجعة النفس والاعتراف بالخطأ، والذي يشكل اليوم جزءاً من نسيج الحكومات المتحضرة، وتاريخ الاعتذارات مليء بالمواقف الصعبة لعدد كبير من المسؤولين في الغرب وهم يخرجون للناس يقدمون اعتذاراتهم، ومعها خطاب الاستقالة بسبب أفعال أضرت بالمصلحة العامة..

عام 1969، اقترع الفرنسيون على الدستور الذي اقترحه ديغول، وحين اعلنت النتائج التي تظهر أن 52% من المواطنين صوتوا ضده.. نجد صباح اليوم التالي صحف فرنسا تنشر على صفحاتها الأولى الخبر التالي: ديغول يقدم استقالته وبيان من سطر واحد "اعتباراً من اليوم سأتوقف عن ممارسة مهامي كرئيس للدولة". كان ديغول الذي شعر بالأسى قد أنقذ فرنسا في حربين عالميتين.. وجعل منها خلال فترة حكمه واحدة من الدول الاقتصادية الكبرى.. ومع ذلك استجاب لنسبة الـ 2% ومضى إلى منزله الريفي وظل هناك حتى توفي.

زعامات ساطعة في التاريخ استطاعت بفضل نزاهتها وحكمتها وإصرارها على إشاعة روح العدالة الاجتماعية أن تحدث أكبر التحولات السياسية والاقتصادية في العالم، وحين يطمئن مسؤول منهم إلى أن كل شيء يسير في الطريق الصحيح، ينفض يديه من السلطة ويقرر أن يحتكم لصوت الضمير والناس .

دروس من التاريخ وأمثلة لنا جميعاً ونحن نرى ساستنا يتعاطون شؤون الحكم بالتقاتل والحقد والكره والتخوين.. دروس تقول لنا إيانا أن يشعر أحد منا نحن المواطنين بأن تجارب هذه الشعوب لا تعنينا، وعلينا أن نعرف أنه في هذا البلد؛ بلد الأربعين عجيبة وعجيبة.. الآن الجميع يريد لمستنقع كمجالس المحافظات أن يعود إلى الواجهة.. وجه آخر وقبيح في ديمقراطية المحاصصة الطائفية أن تصبح أبواب المناصب والمنافع مفتوحة للتهافت والتكالب والسعي لإلغاء الآخر.. وجعل السياسة سوقاً للشعارات التي تجعل من المسؤول مبعوث العناية الإلهية لهذا الشعب لكي يسير به إلى طريق الهداية والإيمان.. لم تعد السياسة في الأمم المتحضرة مباراة للبطولة وحشد الطوائف.. لكنها عصر الشعوب التي قررت أن ترمي التعصب والتخلف والخرافات وراء ظهرها..

أما نحن المساكين الذين اتعبتهم أخبار الصفحات الأولى.. فنعيش في ظل ساسة يقدمون للخراب وقتاً إضافياً لاجتياح ما تبقى من مساحات الأمل في نفوس الناس.. يكذبون في الصباح.. ويكذبون في الظهيرة.. يعدون بأن يسرعوا في التنمية والبناء وإقامة دولة العدالة الاجتماعية.. فنجدهم يسرعون في الانتهازية واللصوصية وإقصاء الآخر وتخوين الشعب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram