اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > سينما > تحدث عن فيلمه: شجرة الكمثرى البرية المخرج التركي نوري بيلجه جيلان: ليس عملنا أن نحكم حتى القتلة نحاول أن نفهمهم

تحدث عن فيلمه: شجرة الكمثرى البرية المخرج التركي نوري بيلجه جيلان: ليس عملنا أن نحكم حتى القتلة نحاول أن نفهمهم

نشر في: 15 ديسمبر, 2022: 12:01 ص

ترجمة: ضياء الخالدي

- 1 -

في هذا الحوار، يكشف المخرج التركي نوري بيلجه جيلان الكثير من التفاصيل حول فيلمه «شجرة الكمثرى البرية»، والذي عرض في مهرجان كان 2018. كيف ولدت الفكرة، واختيار البطل، ودلالة المشاهد، ونوعية اللقطات، وظروف التصوير؟ كما تنير الإجابات جانباً من الحياة التركية.

هذا الفيلم، والذي تجاوزت مدته ثلاث ساعات، يعد بحق تحفة بصرية، إضافة إلى الحوارات الطويلة البليغة، وتناولها قضايا شائكة في الدين والإنسان والحياة ككل. كما يبلغ الصمت والتأمل في بعض مشاهده طاقة تعبيرية كبيرة تعزز جمالية هذا الفيلم.

• متى بدأتم التفكير في مشروع فيلم شجرة الكمثرى البرية؟ وكيف تطور العمل؟

كنا أنا وزوجتي أبرو في الأساس نعمل على مشروع آخر، حول حكاية سيرة ذاتية لعائلة، وذات يوم اجتمعنا في بيتنا الريفي بالقرب من مدينتنا تشاناق قلعة، التي يتزايد فيها الناس صيفاً وفي الأعياد الدينية أيضاً، في مكان يطل على البحر. قررنا أن نكون قريبين من مدينتنا. التقيتُ معلماً لديّ معرفة به في قرية بالأرجاء. متزوج من قريبة لي فرغبتُ بالحديث معه، لأنه كان مختلفاً وفريداً عن الآخرين.

هذا الرجل يشبه ألوان المناظر الطبيعية أو رائحة الأرض، وعندما كان يتحدث لا يلتفت له الناس ولا ينصتون إليه. يأتي إلينا ويخبرنا قصة حياته بطريقة ملفتة. يشبه أبي قليلاً الذي كان لديه على سبيل المثال ولع بالإسكندر الكبير ولم يكن يثير فضول أحد. كان مهندساً زراعياً ويقرأ كثيراً، وعاش وحيداً، ولا يشارك الآخرين شيئاً. وإذا عدنا إلى قريبنا فأنني كنتُ قد تعرفتُ بأبنه الذي أنهى المدرسة وعمل في جريدة محلية، وكان يساعد أباه.

بدأت اللقاء بالأبن، وفي داخلي ولدت فكرة تصوير فيلم عنه وعزلة أبيه. أخذتُ بالذهاب إليه، وسألته إن كان بالإمكان أن يكتب لي عن انطباعاته، وعن والده، وطفولته، وعلاقته بالأسرة. لم يصدر صوتاً منه طيلة ثلاثة أشهر. كان قد أثّر بي جداً، فهو يقرأ كثيراً، ويعرف جميع الكتب التي كنتُ أتحدث عنها. أحببتُ هذا حقاً. لديه طبع كتوم ويضع مسافة مع الآخر. تحدثتُ مع والده عن ذلك فأثبت القناعة نفسها. وعلى غير توقع منا أرسل عبر البريد الإلكتروني ثمانين صفحة من المعلومات والتوضيحات. قرأتها كلها فتأثرتُ كثيراً. كان صادقاً ويكتب من داخله. لم يدافع عن نفسه ولم يعلن نفسه بطلاً. وبداً جيداً على نحو لم أتوقع. فكرة زوجتي أبرو عنه كفكرتي به. لذلك، قررتُ أن أضع جانباً المشروع الذي كنتُ أعمل عليه، وأبدأ في تصوير هذا الفيلم أولاً. طلبتُ من هذا الشاب، واسمه آكن آكصو، أن نتحرك معاً في كتابة السيناريو. وحتى أنه جسّد دور أحد الإمامين الذي يتحدث كثيراً.

• هل صورت فيلماً في السابق بهذه المنطقة التركية؟

نعم، فيلم «سحب مايو». هذا المكان يقع غرباً، في أنحاء تشاناق قلعة، مئة كيلو متر نحو الغرب. طوال شهر تبادلنا أنا وآكن وزوجتي أفكارنا ومشاعرنا بعمق. ومن جهته كتب مسودتين سيناريو فجمعتُ وأعددتُ ما لفت انتباهي منهما. وقرأتُ أثناء ذلك ما كتب في السيرة الذاتية وأعجبتُ به جداً. استخدمتُ بعضاً من التفاصيل والأفكار في السيناريو. فيما بعد، ظهرت الخطوط الأولى، وتواصلت محادثاتنا عبر الإميل.

في تركيا، هناك أعداد قليلة جداً من المعلمين الذين يمكنهم التعيين بسبب كثرة الطلبات. هذا الشاب دخل الاختبارات لمدة أربع سنوات واستطاع النجاح لأول مرة. وتم تعينه في شرق تركيا لأنه لم يحصل على درجات عالية. ومن هناك، تواصلنا حول السيناريو. ناقشنا المشاهد أولاً، ثم عملنا على الحوارات. وكانت زوجتي على تواصل معه أيضاً.

• تحدثتم عن أعمالكم الأخرى في السيرة الذاتية، هل لها صلة بشبابكم في فيلم شجرة الكمثرى البرية؟

نعم، لا سيما علاقتي بأبي، لكن، أغلب الفيلم يعكس شخصية آكن، وهو كاتب ومعلم مثل أبيه أكثر من أي شيء آخر. مثلاً، ماذا يقول والده عندما يطلب آكن المال منه، وكيف يجيب آكن. كنتُ أحاول معرفة ذلك. وأشعر بالفضول حول تفاصيل شغف والده بالقمار مثلما جاء في الفيلم بالخصوص، حتى أنه وصل إلى حد بيع المنزل.

• في هذا الفيلم كما بفيلم السبات الشتوي هناك مواجهات كثيرة، وشخصيات تتحدث بإسهاب، مع الأب والأم والكاتب المحلي وقارئ الكتب وإلخ. هناك شاب يتحدث أيضاً. أكتبت فعلاً هذه المشاهد بالنص أم هناك بعض الارتجال؟

على الأكثر تم كتابة 95‌% منه، وهذا يعد صعباً عند الممثلين غير المحترفين، لأنه قد يسبب مشاكل في الحفظ، ويكونوا أكثر راحة في الارتجال. هذه من أصعب المشاكل التي واجهتها في اختيار دور البطل حتى الآن.

بحثتُ عن ممثل غير معروف في السينما التركية، ولم يمثل في فيلم أبداً. وجدته من خلال الفيسبوك. جسّد سابقاً بعض الإسكيتشات الكوميدية في التلفزيون، فأردتُ التواصل معه وتقييمه. في البداية لم يعجبني أداؤه، حيث عمل ببعض الارتجال أمام أبرو ولم يكن جيداً. فيما بعد، أرسلتُ له بضع صفحات التي حفظها من السيناريو، وعندما جسدها أمامي أدركتُ أنه فهم ما يدور في رأسي حول الشخصية، وفي كل محاولة يزداد تحسناً. كان الأفضل من بين جميع المرشحين في تذكّر النص، وربما أيضاً هو الكوميديان الأكثر ذكاءً الذي صادفتهم حتى اليوم. لديه معلومات عميقة حول الحياة والبشر والأحداث. ومن أجل الدور نسج تناغماً مع بعض المرشحين كالبنت الشابة، لكن لم تنضج خميرته مع الأم والأب ورئيس البلدية، وعكس ذلك كان جيداً في جميع العلاقات الأخرى. نعم، ربما لا يوجد لديه أجواء الكاتب، بيد أنه مهم في أمور أخرى، يستطيع تذكّر الحوارات الطويلة في فيلم مدته أكثر من ثلاث ساعات، ويعلم أنه قادر على تقديم أداء لائق.

• هل عملتكم بروفات قبل التصوير؟

قليل جداً، لم يكن لدينا الوقت الكافي. من جانب آخر، نحن عملنا على البروفات لفترة ثلاثة أشهر ونصف الشهر على الرغم من أنها كانت مكلفة. وفي بعض الوقت صورتُ بنفسي في مرات كثيرة. الكوميديان عندما يبدأ في الارتجال لا يكون جيداً أبداً، بيد أنه كان محترفاً أكثر من الكوميديان الذي جسد دور الأب.

• أكانت بسمته الساخرة تأتي منك؟

بلا شك، كان أبي هكذا. لم نكن نستمع إليه عندما كنا في القرية، وهو أيضاً يضحك من أقواله بطبيعة الحال. أردتُ تكوين ملامح في طبيعة الشخصية، وألّا يقيم له القرويون وزناً. وقبضتُ على هذه التفصيل. قوة أن نفهم عدم الاحترام من قبل الآخرين، لأن المعلم في العادة لديه الاحترام. ربما من ادمان القمار أو القهقهة. في تركيا، وفي الريف لا يحبون الناس الذين يضحكون طوال الوقت. الشخصيات الأخرى كانت محترفة أيضاً. على سبيل المثال حاولتُ عبثاً البحث عما هو حقيقي لأجل تجسيد شخصية الكاتب المحلي. وأحد الإمامين كان هاوياً، بل حتى ليس إماماً أصلاً.

• في هذا المشهد، ولا سيما في مشهد الكاتب المحلي أنتم تستخدمون تسلسلات طويلة بواسطة كاميرا متحركة. وعندما تتابعون سير الإمامين اللذين يمشيان مع سنان فأنتم تختارون اللقطة الطويلة، وتصنعون تأطيراً من دون معرفة من المتحدث.

- هذه بصمة في العمل وكانت من أجل المشاهد التركي. استطعتُ تطوير هذه النمط من التصوير بواسطة OSMO، وهي كاميرا جديدة صغيرة الحجم جداً، وقادرة على تتبع الحركة. الأمر يرتبط بالممثلين طبعاً وتمكنهم من حفظ النص الطويل. في الماضي كنتُ أقطّع اللقطات تلك، ولدي تسلسل معد له بسبب العدد الكبير من المشاهد الخارجية التي يتحرك فيها الناس. مدير التصوير الخاص بي جوكهان ترياكي ماهر في عمله، وأنا من يقرر في أغلب الأحيان. كما هو معلوم أننا نتخيل ما سنفعل عندما نكتب السيناريو، بينما واقع التصوير يدفعنا إلى التغييرات. ويتم اتخاذ القرارات النهائية ضمن المجموعة. أيضاً كنتُ مهتماً بفصول السنة، وأردتُ أن تنتهي الحكاية في الشتاء، ولأقل أني هربتُ من الشمس... عندما بدأنا في شهر تشرين الأول / أكتوبر كانت الشمس موجودة في كل يوم، وصورنا المشهد الأخير بالكامل تقريباً عندما اختفت. لذلك، صورتُ بأوقات غياب الشمس، ثم بدأ الثلج بالهطول. ثلاث مرات صورت هذا القطعة المتسلسلة من المشاهد، وفي المونتاج أخترتُ النتيجة النهائية.

• عندما كان بطلنا يتحدث مع أمه يُرى الثلج من نافذة الغرفة وقد بدأ بالهطول.

نعم، وضعتُ ذلك في السيناريو بسبب خدمته العسكرية في الثلج، وكنتُ أريد المضي في بيئة مختلفة عن الأخريات. كان من الواجب أن نملك الإنطباع بمرور الوقت (عام بالمختصر)، وشعرتُ بالحاجة أيضاً إلى التعبير بشكل تراه العين.

• الخدمة العسكرية في إطار واحد...

نعم، في إطار واحد فقط، مجرد رمز، ولم أرغب بالوقوف عندها طويلاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

الأثر الإبداعي للكتب السينمائية المترجمة ملف "السينمائي" الجديد

ياسر كريم: المتلقي العراقي متعطش لأفلام أو دراما غير تقليدية

مشهد بصري لشاعر يتلهّى ويستأنس بالكلمات والصُّور الشعرية

مقالات ذات صلة

ياسر كريم: المتلقي العراقي متعطش لأفلام أو دراما غير تقليدية
سينما

ياسر كريم: المتلقي العراقي متعطش لأفلام أو دراما غير تقليدية

المدىياسر كريم مخرج شاب يعيش ويعمل حاليا في بغداد، حصل على بكالوريوس علوم الكيمياء من الجامعة المستنصرية. ثم استهوته السينما وحصل علي شهادة الماجستير في الاخراج السينمائي من Kino-eyes, The European movie master من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram