اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: إنما للست حدود

العمود الثامن: إنما للست حدود

نشر في: 15 ديسمبر, 2022: 12:34 ص

 علي حسين

بعد ما يقارب النصف قرن على رحيلها لا تزال أم كلثوم علامة من علامات الزمن الجميل، كانت للست جماهيريتها ومواطنون يرددون معها كل مساء وهي تشد على منديلها: "قل للزمان ارجع يازمان ".

في عصر أم كلثوم كانت بلدان العرب تبشر بثقافة جديدة تتمرد على ثقافة الغيب، إسماعيل مظهر يترجم داروين إلى العربية، وشبلي شميل يبشر بأفكار ماركس وإنجلز، وسلامة موسى يكتب عن سوبرمان نيتشه، فيما الرصافي يكتب عن الاشتراكية بأنها: "وعد بمجتمع، لا سيد فيه ولا مسود، يأخذ كل من فيه حقه بغير زيادة، ويعطي فيه كل حقوق الآخرين بغير بخس"، في ذلك الوقت أصر الزهاوي على أن يقود معركة "السفور" إلى النهاية وهو يردد: مزّقي يا ابنــــة العـــراق الحجابــــا..

اليوم نتذكر درس أم كلثوم عن الحب والفرح والمسرة، حين نجد من يسخر من احتجاجات الشباب، ويصر على أن العراقيين يعيشون أعلى مراحل الديمقراطية وأن عليهم أن يرضوا بما مقسوم لهم من ساسة "شطار"، ولا يورطوا انفسهم في الاحتجاج والثورة على الأوضاع، ولا تزال الأحزاب المسيطرة على البلاد تقول للشعب: الصبر جميل.

أنا من جانبي أصاب بحيرة كلما أسمع سياسياً يطالب الشعب بالصبر، وأتذكر سيدة الغنائي وهي تشدو "إنما للصبر حدود"، لكن هذا الصبر يصيبني بالحيرة وأنا أقرأ في الأخبار أن النائبة حنان الفتلاوي ترأست لجنة تقصي حقائق سرقة الأمانات الضريبية، في أيام الخراب يعتقد البعض أنهم "منقذو البلاد" بينما المواطن يتذكر بحسرة ما فقدته البلاد من مئات المليارات عندما كانت حنان الفتلاوي جزءاً من المنظومة الحكومية، وكانت الناس تسأل: ماذا حدث لمداخيل النفط، وماذا صرف منها على الشعب، وماذا نُهب وهُرب خارج البلاد؟، في ذلك الوقت كان صوت الفتلاوي يصدح بأناشيد النصر والإنجازات الوهمية.

أترك منجزات النائبة المثابرة وأقرأ تغريدة جمال الكربولي وهو يكشف لنا بعضاً من المستور: "ادعاء بعض النائبات بأنها لا تملك مالاً لأنها لم تسرق ولم تكن وزيرة، يكذبه التضخم المفاجئ لأموالها وعقاراتها.. ليس كل الوزراء فاسدون وإنما كل من يبتز الوزراء للحصول على عقود وكومشنات واستثناءات وتتضخم أمواله هو الفاسد".

ماذا تشعر عزيزي القارئ وأنت تقرأ مثل هذا الكلام؟، ماذا يعني الفشل خلال التسعة عشر سنة الماضية؟ لماذا يريدون منا ان نمنحهم تسعة عشر عاماً جديدة، ، ولكن ياسادة ياكرام ، لماذا دائماً على الناس أن تتحمل وتصبر؟، وهل هناك صبر أًكثر في بلاد تعُد من أغنى البلدان، لكنها اليوم على قائمة الدول الاكثر خرابا.

للأسف إنّ الآفة التي أصيب بها البلاد ، هي الشطار والقافزون على الحبال بمنتهى الخفّة، ومشكلة هؤلاء أنهم يعتقدون أن الناس فقدت ذاكرتها ونسيت ماذا كان يفعل هؤلاء قبل سنوات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عصام محمد

    ليس للصبر حدود لكن هناك خنوع و خذلان و عدم تكاتف و توحيد الصف و متى ما توفرت ستكون هناك عاصفه لا تبقى و لا تذر

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

 علي حسين ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه...
علي حسين

باليت المدى: عندَ اكتمال القمر

 ستار كاووش قيمة السفر تُكمِنُ في مشاهدة أشياء وتفاصيل وأماكن مختلفة، جديدة، نادرة أو ممتعة. أما إذا إجتمعت كل هذه التفاصيل في مكان واحد مثلَ بارك (ديلا ديساتيل) في مدينة ليل، فهنا عليَّ...
ستار كاووش

قناطر: أين نحن من نخيلنا الذي سرقه العالم

طالب عبد العزيز ملء الشاشة تظهر صورة رجل أنيق، بثياب أهل الخليج الصيفية متحدثاً بمعلومات قيمة عن أحوال مزرعته المزدحمة بالنخل والفاكهة، وتظهر في الصورة نخلة من أحد الاصناف المعروفة لدينا، وقد ثقلت بعذوقها...
طالب عبد العزيز

العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية

د. سامان شالي إن مسألة ما إذا كان العراقيون قد فقدوا الثقة في الديمقراطية أمر معقد ومتعدد الأوجه. لقد كانت رحلة العراق نحو الديمقراطية مضطربة، وتميزت بتحديات وانتكاسات كبيرة. يستكشف هذا المقال الوضع الحالي...
د. سامان شالي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram