علي حسين
ما يميّزنا عن سائر شعوب العالم، أننا بلد لا نحبّ المفاجآت، وإذا فوجئنا، بأمر غريب مثل، براءة رافع العيساوي نطلق على هذه المفاجأة "كذبة نيسان"، والحمد لله أجهضت المفاجأة وأخبرنا القضاء ببراءة العيساوي من جميع التهم الموجهة إليه،
ولنكتشف نحن مساكين هذا الوطن أن الأمر لم يكن سوى معركة لكسر العظم بين السيد نوري المالكي وشركائه في الحكم، وكان منهم رافع العيساوي، والآن عادت المياه إلى مجاريها، وكان لا بد من أن يعود العيساوي ليقبل المالكي من وجنتيه.
هل تتبّع مثلي أخبارنا العجيبة؟ هل انتبهتم إلى صمت عالية نصيف، بعد الإعلان عن انعقاد قمة بغداد "2" في الأردن؟، وكيف كانت تقسم بأغلظ الأيمان أن الأردن يسعى إلى سرقة ثروات العراق، وحديث عن التطبيع والعمالة، والآن تحولت القمة إلى قمة نوعية وحديث " وردي " عن التحول الجديد في العلاقات مع دول الجوار.
كُتبَ في السياسة منذ عهد أفلاطون وحتى ماركس مجلدات كثيرة،لا حاجة إلى تعدادها. لكن السياسة الآن مع مواقف بعض السياسيين ، مهنة الذين يرفعون شعار "إن لم تستحِ فافعل ما شئت".
ولأن هذه البلاد لا تزال تنتظر الفرج من "نواب الصدفة"، تعلمنا تجارب الشعوب أن المواطن هو الملك المتوّج في الديمقراطيات الحقيقية، وهاهي صحف فرنسا تنشر صورة للرئيس الفرنسي ماكرون يجلس على الأرض يواسي منتخب فرنسا بعد خسارته المباراة النهائية.
مع صورة الرئيس الفرنسي تذكّر أيها القارئ أن مئات الملايين تصرف على حمايات المسؤولين العراقيين، فساستنا الأفاضل يرفضون أن تراهم الناس يتجولون بمفردهم من دون مصفحات وأفواج أمنية.. فكيف يمكن للمسؤول أن يتلقى الناس في الشارع ويتحدث معهم؟، فما بالك إذا تجرأ مواطن وقرر أن يصرخ بوجه أحد قادة هذه البلاد؟، حتماً سيظهر المواطن دامع العينين متوسلاً ذليلاً مرتجفاً، وهو يعترف بأنه أخطًأ في حق "الخطوط الحمر".
ولأنني مواطن جاهل بأحوال المسؤولين ، وأعتبر هذا الأمر من المحرمات ، ولا أفرق بين الماكرونية والكربولية، لكني أتذكر مع القارئ العزيز ماذا تفعل حمايات مسؤولينا، وكم يدفع مسؤولينا من أموال الشعب للمئات من أفراد الحماية التي مهمتها، أن تمنع المواطن من الاقتراب من قلعة المسؤول الحصينة، صور ماكرون تبين لنا كيف أن رئيس دولة يتصرف بعفوية من دون ضجيج ولا عشرات الحمايات تحيطه ، ستقول مثلي، ما أعظم المسؤول حين يؤمن أنه إنسان عادي في زمن يصر فيه المسؤول والسياسي العراقي على أن لايخرج إلى الشارع إلا والأفواج المدججة بالسلاح تحيطه من كل جانب، خوفاً من نظرات الحسد التي يحملها الناس له.