بغداد/ تميم الحسن
فيما كان يعتبرها «عمالة» و»تطبيع» يدافع الإطار التنسيقي اليوم بشدة من اجل مشاركة العراق في قمة بغداد 2. ويطمح «الإطار»، الذي يواجه عواصف من الخلافات الداخلية وتهديدات بالانسحاب، للحصول على دعم دولي من المؤتمر الذي سيحضره قادة دول عربية وغربية.
ومن المرجح ان تدعم «قمة بغداد 2»، التي ستعقد اليوم في العاصمة الاردنية عمان، بيئة مستقرة في العراق خالية من الارهاب من اجل تدفق وزيادة إمدادات النفط.
بالمقابل، فان بغداد في القمة الجديدة، التي ستحضرها إيران بتمثيل بمستوى اعلى من النسخة الاولى، ستلعب دور الوساطة بين طهران والخليج.
وتقول مصادر مقربة من الإطار التنسيقي في حديث لـ(المدى) ان الاخير «يبحث عن دعم دولي خصوصاً مع وجود اتهامات ومخاوف من سيطرة بعض الفصائل على مفاصل الدولة».
ومن المفترض ان يشارك العراق في «مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة» بنسخته الثانية، بحضور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وقادة مصر والخليج ودول اخرى.
وقبل المؤتمر تكشف المصادر عن ان «رئيس الحكومة محمد السوداني كان قد حاول جس نبض دول خليجية وعربية من موقفهم تجاه حكومة الإطار خلال زيارات أجراها مؤخرا»، مبينة ان «بعض الدول تحدثت عن مخاوف وجود الفصائل».
وزار السوداني في الشهر الاول من تسلمه المنصب، السعودية، الكويت، الاردن، واول أمس حضر في قطر نهائي كأس العالم لكرة القدم.
وتتناغم هذه المخاوف مع ما ذكرته السفيرة الامريكية في بغداد ايلينا رومانوسكي الشهر الماضي، عن أن بلادها تشجع السوداني على بناء علاقات خارجية متوازنة.
واعتبرت آنذاك في مقابلة مع محطة فضائية عربية معروفة أن «العراقيين لا يريدون أن تقودهم الميليشيات»، فيما دعت الى ان يكون المشرفون على الانتخابات غير «مسيّسين».
وكانت النسخة الاولى من القمة التي عقدت في آب 2021 في بغداد، قد شهدت همزا ولمزا من بعض أطراف الإطار التنسيقي، التي وصفت رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي حينها بـ «الانبطاحي» للقرار الدولي.
وعلى طول خط العلاقات العراقية مع الخليج ودول غربية التي يحسب للكاظمي انه نجح في ادارتها، فان «الإطار» كان يواجه ذلك بالتخوين واتهامات العمالة والتطبيع مع اسرائيل.
وهاجم الفريق الشيعي الذي شكل الحكومة قبل نحو شهرين، حينها حكومة الكاظمي بانها تدعم إسرائيل؛ بسبب سعي الاخير لمد انبوب نفط الى المملكة الأردنية واتفاقية الربط الكهربائي مع الاخيرة التي ألغاها السوداني بعد استلامه الحكومة.
وفي النسخة الاولى للقمة قدمت الدول المشاركة وكانت 9 دول، الدعم الكامل لحكومة مصطفى الكاظمي آنذاك، وأشادت بسياسة التوازن التي ينتهجها العراق، ودعت الى اجراء انتخابات.
وينتظر الإطار التنسيقي من رئيس الحكومة هذه المرة ان يمسك ملف التهدئة في المنطقة رغم انهم مدركون بانه غير مقبول دولياً حتى الان على الاقل، بحسب ما تقوله المصادر المقربة من الاحزاب الشيعية.
وتمضي هذه المصادر، وهم مستشارون في احزاب منضوية في الإطار التنسيقي، قائلة: «يريد الإطار ان يلعب السوداني دور الوسيط الجديد بين إيران والخليج في تقريب وجهات النظر».
وكانت وسائل اعلام ايرانية قد المحت الى احتمال عقد مباحثات مع السعودية في هذا الجانب، خصوصا ان إيران ستشارك بمستوى تمثيل اعلى من النسخة الاولى.
وأعلن وزير الخارجية الإيرانية امير عبد اللهيان، أمس، موافقة بلاده على تلبية الدعوة التي وجهتها الحكومة العراقية اليها للمشاركة في قمة بغداد الثانية.
بالمقابل فان السوداني، وفق المصادر، «يطمح الى ان يحظى بدور دولي كبير؛ لأنه بدأ يتهيأ لدورة انتخابية جديدة ويوسع قواعده الشعبية ويزيد من فتح مكاتب بالمحافظات لحزب الفراتين الذي يتزعمه».
من جانب اخر تضيف المصادر بان: «هناك رغبة دولية بالتهدئة في العراق والمنطقة، للحفاظ على استقرار إمدادات النفط والعمل على زيادة انتاجنا الى 6 او 7 ملايين برميل في اليوم مستقبلا».
وبحسب المصادر ان «ذلك يتطلب تفاهماً مع إيران ودعم جهود محاربة الارهاب حيث لاتزال هناك خواصر هشة في بعض المدن».
اول من أمس، هاجم مسلحون يعتقد انهم من تنظيم «داعش» الإرهابي دورية للشرطة الاتحادية في جنوب غربي كركوك ادت الى مقتل وجرح أكثر من 10 منتسبين بينهم ضابط برتبة رائد.
وعن مساعي التهدئة المتوقع مناقشتها في المؤتمر، فان النسخة الجديدة من القمة ستشارك فيها تركيا، حيث يقول باحث في الشأن السياسي ان ذلك «قد يؤدي الى مناقشة مشكلة الاحزاب الكردية».
ويقول غازي فيصل مدير المركز العراقي للدراسات الستراتيجية بحديث في تصريح إلى (المدى) «وجود تركيا وإيران قد يلعب في تهدئة الازمات والقصف الذي يطال العراق بسبب وجود الأحزاب الكردية المعارضة لأنقرة وطهران على الحدود».
ويثني فيصل وهو سفير سابق، على القمة الجديدة ويقول انه «بدل الحوار سيكون هناك عنف، والمنطقة والعراق من ضمنها يعاني من الارهاب»، مبينا ان «بناء السلام يزيد فرص الشراكة الاقتصادية والسياسية في العراق».
واكد السفير السابق ان قمة بغداد 2، ستناقش ملفات الفقر، وشحة المياه، والتغيرات المناخية، اضافة الى بناء السلام واستمرار مكافحة الإرهاب.