TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جملة مفيدة: المركز والإقليم.. بهدوء

جملة مفيدة: المركز والإقليم.. بهدوء

نشر في: 20 ديسمبر, 2022: 11:44 م

 عبدالمنعم الأعسم

سنكون موضوعيين اذا ما ابدينا القلق وكومة الاسئلة والخشية من الطمطمة حيال ملف العلاقة بين المركز والاقليم، معبرا عنه في كثرة الزيارات الى بغداد واللقاءات المغلقة بين الجانبين، إذ زادت عن فروض التشاور العادية، مسبوقة بتصريحات رسمية شكلية مكررة، واخرى جانبية (بعضها لنواب) لا تطمئن المراقب على ان الامور تأخذ طريقها الى التسوية وضبط فتيل التوتر.

وسنكون ساذجين اذا ما ناقشنا ملف ميزانية العام 2023 وفصلها الاكثر حساسية الموصول بحصة اقليم كردستان منها على انه قضية حسابات وارقام ونسب وجداول، بخاصة حين انفتح الملف على فاصلة مهمة تتعلق بقضية استخراج وتصدير النفط والغاز وادارة الحقول الجديدة ورسم السياسات المالية العامة وما اثارته من توترات بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان، وسنكون اكثر سذاجة اذا ما فتحنا الملف على احكام الدستور، كمرجعية (وحيدة) لحل الاشكالات العالقة، واستسلمنا لتأكيدات الطرفين التزام تلك الاحكام.

ففي المرة الاولى ستقدم لنا الارقام مؤشرات لموارد مليارية اسطورية تدخل الى ميزانية البلاد لا يصح معها ان نتوقف مختلفين ومتخاشنين عند بضعة مليارات، هي في النهاية لا تخرج عن دورة «الاقتصاد الوطني» في وقت اهدر سوء الادارة وفساد الضمائر واستشراء الجهل المهني اضعاف اضعاف هذا الرقم من المليارات موضع التجاذب.

وفي المرة الثانية، سيكون الدستور حمّال اوجه، ويحمل من التناقضات والنصوص المتضاربة ما يجعل الحق بائنا مع كل طرف، والاكثر من ذلك، ان مواد كثيرة منه تخندقت في ديباجاتها الباردة ولم تتحول، كما يُفترض، الى قوانين تفسح في المجال الى التطبيق، وتسهل ترجمة الاحكام الى الواقع، وتنهي جدلا مضنيا شاء ان ينزلق احيانا الى التهديدات والى خارج فروض الشراكة والمصلحة وحاجات التنمية، فثمة في النصوص الدستورية صلاحيات للسلطة التنفيذية، ونصوص اخرى تحدد صلاحيات الاقاليم والمحافظات، وثمة تداخلات بين الصلاحيات، تُقرأ في الغالب من الزاوية الضيقة، ثم توظف في الصراع السياسي، بعيدا عن روح الدستور ولوازم السياسة الرشيدة.

اقول من السذاجة الاعتقاد بان مثل هذه الخلافات يمكن ان تعالج بالتهديدات والتلويح بالعقوبات، وبكل صراحة، فان بعض التهديدات تنحرف الى لغة تستخدمها الدول في حال اندلاع التوترات فيما بينها، وبعضها يرتد الى النزعة المركزية الواحدية متناسية ان العراق بات دولة اتحادية بالدستور والممارسة والحقائق الشاخصة على الارض، واقول، ايضا، ان الحل المنطقي ينبغي ان يمضي في مسارين، الاول، النأي عن سياسات لي الاذرع وافتعال التوتر في وقت تمر البلاد بعاصفة من التوترات والتحديات المحلية، وثانيا، إعطاء الفرصة لجماعات الخبرة والاختصاص والعقول العلمية والقضائية والاكاديمية المستقلة لكي تدلي برأيها وتقدم حلولا وقائية بديلة عن استعراض القوة، ومن تلويحات قرأناها مؤخرا بالحل العسكري.. وهي الاكثر حماقة من سواها.

استدراك:

«ان علينا تغيير شيءٍ ما في مكان ما.. لنطمئن».

جورج باباندريو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناديل: يكتب كي لا يموت العالَم

 لطفية الدليمي في حياة كلّ كاتب صامت، لا يجيدُ أفانين الضجيج الصاخب، ثمّة تلك اللحظة المتفجّرة والمصطخبة بالأفكار التي يسعى لتدوينها. الكتابة مقاومة للعدم، وهي نوع من العصيان الهادئ على قسوة العالم، وعلى...
لطفية الدليمي

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram