اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > الإيقاع الروائي.. تقويض حتمي وتجديد جدلي

الإيقاع الروائي.. تقويض حتمي وتجديد جدلي

نشر في: 25 ديسمبر, 2022: 11:40 م

علاء المفرجي

صدر عن دار المأمون كتاب (الإيقاع الروائي.. تقويض حتمي وتجديد جدلي) تأليف عدد من النقاد الفرنسيين، وترجمة عبد اللطيف الموسوي.

والكتاب مجموعة من المقالات تتصدى لموضوع الإيقاع في الرواية، وهو الموضوع الذي لم يتناوله النقد على مدى سنوات طويلة، رغم أن الامر تغير الى حد ما في السنوات الأخيرة، حيث ظهرت العديد من الدراسات في هذا الأمر.

الكتاب يتكون من قسمين رئيسيين يختلفان فد عدد فصولهما، يحمل القسم عنوان مدخل الى بناء الايقاع: وتضمن مجموعة من المقالات التي كتبها روائيون و روائيات ركزت على بناء الايقاع في الرواية وما يحيط به و قد كُتبت بأسلوب أقرب للتعليمي ولهذا حرصتُ على أن تكون ترجمتي لها بلغة عربية بسيطة لأحافظ على روح النص الهدف.

أما القسم الثاني فيتضمن دراسات معمقة في الإيقاع الروائي الأكاديميين وباحثين مختصين، ليختلف مستوى اللغة بين القسمين. ولا بدّ لي هنا من أن أتطرق الى الإيقاع الروائي وأهميته في عالم الرواية لا سيما مع قلة الدراسات في هذا الشأن.

أرى من الضروري اولاً البدء في تعريف الإيقاع و أشير هنا الى تعريف الناقد و الروائي الأردني أحمد الزعبي للإيقاع في كتابه (الإيقاع و الروائي دراسات في البنية الإيقاعية في الرواية العربية والغربية)، استناد الى أراء يوجين راسكين، ليعرّف الإيقاع بأنه تكرار بالدرجة الاولى، ويضيف إنه (تكرار مقصود موظف لغايات فنية ونفسية وفكرية في العمل الفني.

فالإيقاع يضبط حركة الحدث والمكان والزمان والخط واللون، وينظمها ويكسبها معنى جديداً، بعداً جديداً، أفقاً اخر عند كل تكرار. هذا التكرار إذا وُظف بدقة وإحكام فسيشكل إيقاعاً منتظماً يحمل إيحاءً جديداً ومختلفاً حسب الأثر الذي يتركه هذا التكرار في كل مرة).

وقد استشهد الدكتور حسين المناصرة في إحدى مقالاته بما قاله نورثروب فراي بشأن أهمية الايقاع بقوله إن دراسة الايقاع في الرواية تكشف عن عمق العلاقات بين الناس والاشياء، وحركة الاشياء وعن معنى جديد للزمان والمكان والعلاقات.

وقد تحدث أمبرتو إيكو عن الايقاع كثيراً في كتابه (آليات الكتابة السردية) فهو يرى إن (الدخول الى الرواية أشبه بالرحلة الى جبل، إذ يجب اختيار نفس واختيار ايقاع للسير والا فإننا سنتوقف في البداية). ويعتقد إيكو ان جرس الكلمات وانتظام الجمل وتحولاتها ليست هي العناصر التي تحدد إيقاع النص السردي، قائلاً (في السريدة، إن النفس لا يعود الى الجمل، بل مرتبط بوحدات كبرى، أي بمقاطع حديثة، فهناك روايات تتنفس مثل غزلان واخرى مثل حوت او فيل، إن التناغم لا يكمن في طول النفس بل في انتظامه).

ويؤكد ايكو ان (فعل الايقاع هو ضبط بنية النص ومعماره وإضفاء الحيوية وروح الحركة والنظام عليه). كمل يتحدث عن زمن الكتابة وزمن الحدث، وضرورة تقليص المسافة بينهما ويقول: (إني اتحدث عن الكتابة بالمفهوم المادي، الفيزيقي، واتحدث عن ايقاع الجسد وايقاع الانفعالات).

ويضرب مثالاً على ذلك من روايته (اسم الوردة) يتمثل بمشهد ممارسة الجنس الذي جمع ادز ومع امرأة تتسلل خلسة الى الدير حيث تختلط النشوة الصوفية بنظيرتها الجنسية فيصور الانفعال المصاحب فعل ممارسة الحب بالقول (لقد كان ادزو هو الذي يمارس الجنس، وليس انا، واما انا فقد كان علي فقط ان اترجم انفعالاته الى لعبة لليدين والعينين. كمل لو أنني كنت اريد ان احكي قصة حب من خلال الضرب على طبل).

ويذهب الناقد محمد الدوسقي بعيداً عند حديثه عن أهمية الايقاع فيقول إن (الرواية كأي كائن حي يتأثر ايقاع حياته بكل ما يحيط به، وقد وجدت ان الايقاع في كل فن، هو الذي يمنح العمل الفني كمال وجوده، وكل توقيع من توقيعاته - تسبح في فلك يخصها وحدها، وان اشتركت و اخر معها في الايقاع العام، كما ان كل ايقاع يختلف باختلاف صاحبه ولان الرواية تشبه الكون والكون مخلوق على وفق قوانين ثابته مجبول عليها، فالإنسان -الروائي- يحاول دائماً ان يحاكي خالقه في صياغة كونه، وتشكيله على وفق ايقاع خاص يعتمده صاحبه او مؤلفه من دون اي يخرج عن نواميس الكون العامة وكلما كان -خالق النص- ماهراً وكلما كان الايقاع في نصه متوازناً يترادف بشكل طبيعي ودقيق في حركة وجود تعاقبية كتعاقب الليل والنهار، والشمس والقمر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

بعد ثلاثة عقود .. عباس الكاظم يعود بمعرض «خطوات يقظة» في الدنمارك

مذكرات محمد شكري جميل .. حياة ارتهنت بالسينما

رمل على الطريق

موسيقى الاحد: جولة موسيقية في فيينا

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

مقالات ذات صلة

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي
عام

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

د. نادية هناويإن القول بثبات الحدود الأجناسية ووضوح مقاييسها هو قانون أدبي عام، نصّ عليه أرسطو وهو يصنف الأجناس ويميزها على وفق ما لها من ثوابت نوعية هي عبارة عن قوالب لفظية تختلف عن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram