TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الدولار ونوم النواب

العمود الثامن: الدولار ونوم النواب

نشر في: 27 ديسمبر, 2022: 09:52 م

 علي حسين

دخل النائب إلى الاستوديو يرتدي أفخر البدلات، ليعلن أن مرحلة صعود الدولار ستنتهي إلى غير رجعة، بعدها ظهرت النائبة الهمامة لتطلق أناشيد الفرح بأن الخير قادم، ولكي تكتمل فصول المسرحية أخبرنا أحد رؤساء الكتل بأن الدولار في طريقه إلى الانهيار وأننا من سيفرض سعره في السوق ،

 كل هذه الخطابات والأناشيد، أطلقت في الليلة التي تم فيها تكليف السيد محمد شياع السوداني بتولي منصب رئيس الوزراء، كانت صيحات الإعجاب وهتافات النصر تنطلق من داخل قبة البرلمان، في ذلك الوقت خرجت علينا احدى النائبات لتشرح نظريتها في اقتصاد السوق.

كانت رائحة الانتصار تفوح، من جميع الاستويوهات التي استضافت نواباً اختلط عندهم الواقع بالخيال، في ذلك الوقت، كتب أحد المدونين يعلن أن الدولار لن تقوم له قائمة في بلاد الرافدين، لكن ما انتهى العرس واستيقظ الجميع من نشوة الانتصار حتى وجدنا الدولار يقفز من مكانه ليتحول إلى "بعبع" يطارد الجميع، ووجدنا الذين صالوا وجالوا على الهواء، يعيشون في صمت مطبق، بل أن البعض منهم أعلن أن الإمبريالية ومعها الصهيونية تتآمر على التجربة السياسية العراقية ولا تريد لها الاستقرار ، وان هناك مؤامرة دولية لمنع اقامة مشاريع خدمية في العراق .

كان من المفترض، في مثل هذه الظروف الاقتصادية، أن يتواضع أصحاب الصولات والجولات الفضائية، ويتركوا المجال لأصحاب الاختصاص، لكننا نعيش في بلاد يعتقد النائب فيها انه فقيه في القانون وخبير في شؤون المال ، وعالم في الذرة لا يقل اهمية عن عالمنا الذي نفتقده حسين الشهرستاني ، وجهبذ في السياسة ينافس " ابو مازن " احمد الجبوري ، ولغوي من عينة ابراهيم الجعفري ، ولهذا لابد من أن يحشروا أنوفهم، في كل شيء وأي شيء.

وسط هذا المناخ المشبع بالإثارة والتشويق، يعيش المواطن العراقي ظروفاً اقتصادية صعبة، وهو يشهد تهاوي عملته المحلية، وقفزات الدولار الجنونية.

في كل مرة نسمع التعبيرات نفسها عن ثمار الزيادة في الصادرات النفطية ، ولا ندري كيف يمكن إقناع الفقراء بأن الدولارات التي ذهبت الى جيب نور زهير وشريكه هيثم الجبوري ، ستعود عليهم بالمدارس النظيفة والسكن اللائق، والقضاء على البطالة.. أيها السادة؛ لو كانت هناك ثمار للإصلاح الاقتصادي، فيجب أن تبدأ هذه الثمار بملاحقة حيتان الفساد الذين يسيطرون على الاقتصاد ومفاصل الدولة، وأن الشعب سيصفق ويؤيد، لو أخبرناه عن مافيات مزاد العملة، الناس تريد أن تسمع حقائق لا خطباً.

تخيل جنابك أن بعض النواب يخافون على الاقتصاد العراقي في الوقت الذي لا يزالون يمارسون نهباً منظماً لثروات العراق جعلته بلداً يفرح عندما تمنحه الامم المتحدة مساعدات لاغاثة اللاجئين .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram