TOP

جريدة المدى > سينما > فيلم الملك لير .. إنطباع نقدي

فيلم الملك لير .. إنطباع نقدي

نشر في: 28 ديسمبر, 2022: 10:31 م

نجاح الجبيلي

سبق للمخرج البريطاني ريتشارد آير (1943 -..) قبل عشرين سنة أن أخرج مسرحية "الملك لير" لشكسبير على المسرح واستغرق العرض ثلاث ساعات.

وغامر الآن في اقتباس هذه التراجيديا للشاشة ولمدة ساعتين في فيلم تلفزيوني أنتجته BBC2 وبثته شركة الأمازون لمشتركيها. (هنا يثار السؤال: هل تنتقل سلطة الفيلم من صالة السينما إلى غرفة البيت مع انتشار شاشات البلازما وما لحقها من التقنيات الأخرى؟). أقول "غامر" آير في هذه النسخة الجديدة لأنه غيّر زمن المسرحية إلى وقتنا الحاضر في القرن الواحد والعشرين، فنشاهد السيارات التي تنقل الشخصيات والطائرات والأسلحة الحديثة التي تستعمل في المعركة ما بين فرنسا وبريطانيا.إلا إنه ولسبب غير معلوم أبقى على لغة شكسبير الأصلية الإليزابيثية التي راح تلوك بها ألسنة الممثلين والممثلات، فكانت تبدو في الظاهر غير متوافقة مع نزعة التحديث التي وظفها آير في هذا العمل. ولم تكن تلك التجربة الوحيدة لنقل مكان الحدث وزمنه إلى القرن الحالي فقد أخرج مسرحية "الملك ريتشارد الثالث" مع أيان مكلين وجعل الأحداث تدور في زمن الفاشية.

قام المخرج باختصار النص وتنقيحه فكانت إستراتيجيته أن ينقل النص الشكسبيري كما هو وبلغته القديمة عدا بعض المشاهد التي جرى اختصارها. حذف بعض أحاديث كنت وغلوستر مع أدموند وحذف حديث كورديليا مع نفسها حين يطلب لير من أختيها التحدث عن حبهما له.

يقول الناقد البولوني أيان كوت في كتابه "شكسبير معاصرنا" (إنّ مسرحية الملك لير توحي للمرء بأنها جبل شامخ يعجب الجميع لكن ما من أحد يتمنى تسلقه). فهل وصل آير إلى قمته أم أنه عاد في منتصف الطريق؟

حرّك آير النص الشكسبيري من خلال التنقيح والحذف غير المخل بالعمل وبما يصلح للرؤية السينمائية من خلال سرعة الإيقاع وكان لا بدّ من إخضاع النص الشكسبيري إلى الوسط السينمائي باعتبارات الحذف والتنقيح وإعادة ترتيبه وتنظيمه حسب تسلسل يخالف النص المسرحي.

يقول المخرج فرانكو زيفرللي:» كل ما يتخلّق في وسط إبداعي آخر، كالرواية أو المسرحية، عندما ينزح إلى وسط هائل، كالسينما، عليه أن يقبل ويسلّم بالقوانين الخاصة بهذا الوسط الجديد.. مثل مدّة الفيلم، لغة الصور، وغيرها. بالتالي فإن الاعداد أمر يتعذّر اجتنابه، وضرورة لا أحد يستطيع الإفلات منها».

(في الفيلم السينمائي وفي النثر ليس هناك إلا الخيار بين صخرة حقيقية في الرمل، وبين قفزة حقيقية أيضاً من على قمة تلّ كلسي إلى البحر. لا يمكن نقل محاولة غلوستر الانتحارية إلى الشاشة إلا إذا صورها المخرج كما يصور عرضاً مسرحياً).

كانت معالجة آير السينمائية لنص شكسبير تحمل كمّاً من التخيّل البصري والروح الابتكارية المتطورة، والتي تتخطى كل ما رسمه وصوّره شكسبير في النص، مثل تغيير المواقع، كسر المشاهد إلى وحدات أصغر، أو تصوير المشاهد في أماكن غير مألوفة وغير عادية، تسمح بنوع من الإدراك الحسي المعمّق.

يقول فرانكو زيفيريللي:

لا أظن أن من الضروري تحديث مسرحيات شكسبير وجعلها عصرية. ليس هناك أي مصلحة أو فائدة في إضاعة روعة وفخامة وحيوية تلك القصص في مواقعها التاريخية الخاصة. لقد لجأت إلى ذلك في المسرح، وحاولت أن أفعل ذلك مع مسرحية «ضجة صاخبة من أجل شيء تافه» لشكسبير. كانت تجربة ناجحة جداً. مثل هذه المسرحية قابلة لأن تدور في واقع معاصر، وقد استمتع بها الجمهور، لكنك لا تستطيع أن تفعل الشيء ذاته مع هاملت، لأن هذه المسرحية تتحدث بشكل أفضل حين تدور في موقعها التاريخي وخلفيتها الثقافية الخاصة.

هل كانت عصرنة مسرحية الملك لير ووضعها ضمن فضاء عصري ناجحة؟

يقول بيتر هول:

المشكلة الكبرى التي نعاني منها في بريطانيا، وربما في أمريكا أيضاً، أن سلسلة الأعمال الشكسبيرية التي أنتجتها محطة BBCقد عطلت تماماً التحويل اللائق والمميز لأعمال شكسبير إلى السينما أو الفيديو لسنوات طويلة. ليس هناك أي عمل في هذه السلسلة جدير بالمشاهدة. إنها تضم كل الأشياء التي أعتقد أنها تكمن في خلفية أسئلتك: تأريخية بغيضة، أداء سيء، ونوع خاطئ من الإحترام للنص.

ولا اعتقد أن فيلم ريتشارد آير الجديد يصنف ضمن هذه السلسلة التي يشير إليها بيتر هول.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

القضاء ينقذ البرلمان من "الحرج": تمديد مجلس المفوضين يجنّب العراق الدخول بأزمة سياسية

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

ترشيح كورالي فارجيت لجائزة الغولدن غلوب عن فيلمها (المادة ): -النساء معتادات على الابتسام، وفي دواخلهن قصص مختلفة !

تجربة في المشاهدة .. يحيى عياش.. المهندس

مقالات ذات صلة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر
سينما

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

علي الياسريمنذ بداياته لَفَتَ المخرج الامريكي المستقل شون بيكر الانظار لوقائع افلامه بتلك اللمسة الزمنية المُتعلقة بالراهن الحياتي. اعتماده المضارع المستمر لاستعراض شخصياته التي تعيش لحظتها الانية ومن دون استرجاعات او تنبؤات جعله يقدم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram