ذي قار / حسين العامل
كشفت محافظة ذي قار عن تسجيل 102 حالة انتحار العام الماضي معظمها بين اوساط الشباب، وفيما رصدت اول محاولة فاشلة لشابة خلال الساعات الأولى من 2023، اكدت تضاعف معدلات الانتحار خلال السنوات الخمس المنصرمة ودعت الى اعادة العمل بخلية الازمة لمعالجة اسباب الانتحار.
وتتلقى بين حين وآخر المؤسسات الصحية في ذي قار، جثثا تعود لأشخاص قضوا منتحرين زادت اعدادهم في السنوات الأخيرة.
وقال سكرتير خلية ازمة الانتحار في محافظة ذي قار علي عبد الحسن الناشي الذي يترأس ايضا منظمة التواصل والاخاء الإنسانية في حديث إلى (المدى)، إن "المنظمة رصدت 102 حالة انتحار خلال العام الماضي".
وأضاف الناشي، أن "مخاطر ظاهرة الانتحار اخذت تتفاقم وترتفع اعداد ضحاياها بشكل مضطرد عاما بعد آخر".
وأشار، إلى أنه "عام 2016 على سبيل المثال سجلنا 48 حالة انتحار، فيما ارتفعت خلال العام التالي إلى 53 حالة".
وبين الناشي، أن "الحالات انخفضت في عام 2018 لتسجل 51 حالة انتحار، وعام 2019 سجلت 55 حالة"، مؤكدا تسجيل "قفزة في حالات الانتحار خلال عام 2020 لتصل الى 80 حالة وارتفعت في عام 2021 لتبلغ 85 حالة".
ولفت، إلى أن "أعداد النساء المنتحرات تفوق قليلا اعداد الرجال اذ سجل عام 2016 انتحار 28 امرأة و20 رجلا، فيما سجل العام الذي يليه انتحار 28 امرأة و25 رجلاً".
وأشار، إلى أن "ارتفاع حالات لانتحار الى 102 حالة عام 2022 ينذر بالخطر"، مبينا ان "حالات الانتحار المسجلة تقابلها اعداد مضاعفة من محاولات الانتحار الفاشلة التي تخشى الاسر الكشف عنها لاعتبارات اجتماعية او قانونية".
وأكد الناشي، أن "العوامل والامراض النفسية واحدة من أبرز اسباب ارتفاع معدلات الانتحار التي تتمثل بالبطالة والفقر والتفكك الاسري وتعاطي المخدرات والاستخدام السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي فضلاً عن غياب الرقابة الاسرية والقدوة في المجتمع الذي يمكن ان يكون ملهما لغيره ويؤثر بالجيل الجديد".
وتحدث، عن "تسجيل المنظمة أيضاً ارتفاعاً في حالات الاصابة بالأمراض النفسية بين اوساط الشباب".
وأكد الناشي، "ضعف او غياب ثقافة العلاج النفسي في المجتمع والعزوف عن مراجعة اطباء الامراض النفسية او المراكز المتخصصة في هذا المجال".
ويواصل، أن "الامراض النفسية بحاجة الى معالجة اسوة ببقية الامراض وان تجاهل معالجتها يفاقم المرض وقد يدفع الى الانتحار".
ودعا الناشي، إلى "استحداث مصحات نفسية متطورة في مستشفيات المحافظة حتى تساعد الشباب الذين يعانون من مشاكل نفسية على العلاج وتحول دون اقدامهم على الانتحار".
وأوضح، أن "محافظة ذي قار كانت قد شكلت خلية ازمة الانتحار عام 2016 يترأسها محافظ ذي قار وتضم في عضويتها ممثلين عن دوائر الصحة والشباب والرياضة ومديرية الشرطة وجامعة ذي قار ومفوضية حقوق الانسان والعمل والشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني".
وأردف الناشي، أن "الخلية كانت مهتمة بمتابعة حالات الانتحار والوقوف على دوافعها فضلاً عن تقديم الدعم والمساعدة لضحايا محاولات الانتحار الفاشلة حتى لا يعاودوا الانتحار".
ونبه إلى "توقف عمل تلك الخلية منذ عام 2019 والاعوام المنصرمة التي اعقبت جائحة كورونا وهو ما حال دون الحد من مظاهر الانتحار".
وشدد الناشي، على أن "خلية الازمة كانت تدعم ضحايا حالات الانتحار الفاشلة بتقديم فرص عمل او زجهم في دورات تدريبية في مركز التدريب المهني او التدخل لحل المشاكل الاسرية التي تدفع الضحايا للانتحار".
وفي ذات السياق قالت مصادر في شرطة ذي قار يوم أمس الاثنين ان "فتاة في عقدها الثاني حاولت الانتحار عبر تناولها كميات كبيرة من العقاقير الطبية"، مؤكدا "نقلها الى المستشفى لتلقي العلاج".
وتابعت المصادر، ان "الفتاة تسكن مدينة الناصرية وتبلغ من العمر 19 عاماً"، مشيرة الى ان "محاولة الانتحار الفاشلة هي الاولى التي جرى تسجيلها في عام 2023".
وتعزو مصادر طبية اسباب 90 بالمئة من حالات الانتحار الى مؤثرات نفسية من بينها حالات الاكتئاب، مشددةً على ضرورة معالجة حالات الاكتئاب قبل أن تتفاقم وتؤدي الى الانتحار.
وأوضحت، أن المعالجة النفسية تعد احدى طرق الوقاية من الأمراض التي تؤدي الى الانتحار، مشيرة الى ان عزوف المريض نفسياً عن العلاج خشية من العار هو ما يفاقم المرض ويجعل المريض يستسلم لأفكاره السوداوية.
يذكر أن السنوات الأخيرة شهدت تزايد حالات الانتحار في العراق لأسباب عدة منها ضعف الوازع الديني وحالة الإحباط التي يعانيها الشباب من جراء كثرة المغريات لا سيما التي وفرتها التقنيات الحديثة، مقابل قلة الإمكانيات وانتشار العوز والبطالة.
فيما ذكرت بعض المنظمات المجتمعية الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق النساء أن ارتفاع معدلات الانتحار بين النساء قد يعود إلى ارتكاب جرائم الشرف (غسل العار) وتوصيفها على انها حالة انتحار للتغطية على الجريمة ومساعدة الجاني الذي هو أحد افراد اسرة الضحية على الافلات من العقاب.