علي حسين
آخر نكتة يمكن أن تسمعها، ما أطلقه وزير النقل السابق والنائب الحالي عامر عبد الجبار بأن يقوم البنك المركزي ببيع عشرة آلاف دولار شهرياً للمواطنين الذين يحملون بطاقة الرعاية الاجتماعية.. ويقترح الخبير أن المواطن الفقير يجب أن تسعى الدولة الى تحويله لبائع دولارات ، والهدف كما يقول الوزير السابق هو القضاءعلى الفقر ..وأنا أسمع السيد النائب الحالي والوزير السابق قلت مع نفسي إذا ابتليتم فاستتروا..
في واحد من أجمل حوارياته يخبرنا أفلاطون حكاية أرسطو مع تلامذته حين أخذهم إلى حقل نصبت فيه فخاخ من "الدبق" وسألهم ماذا ترون؟ فتحدث أحدهم عن ألوان العصافير، وآخر عن أحجامها، وثالث عن جمال المنظر، فقال سقراط لهم: الأهم هو أن العصافير الصغيرة وحدها من تقع في الفخ، الكبار يعرفون الفخ عندما يرونه، تعلم ساستنا أنهم لا يذهبون خارج المنصب إلا إذا أخذوا البلاد معهم إلى المجهول والخراب.
تشعر الناس بأن ثمة ظلماً كبيراً يحيط بهم، وثمة قهر واستهانة بحقوقهم، والأسوأ من هذا كله ترقيع جسد الوطن بشعارات وخطب طائفية، فنجد عضو برلمان يرفع راية إنصاف "الشيعة"، وآخر يتحدث عن ظلم "السنة"، ولا أحد يتحدث عن الوطن باعتباره جسداً واحداً، كل خلية فيه لا تعمل إلا بصلاح الخلية الأخرى، وأن الشيعي سيكون مطمئناً عندما يكون السني شريكاً ومساوياً في الواجب وحصاد الخير والمصير.
يستحق العراقي اليوم أن يجد أمامه مسؤولاً وسياسياً في مستوى التضحيات التي قدمها خلال العقود الماضية.. يستحق العراقي عدلاً اجتماعياً لا يقسم، ويشرق على جميع العراقيين، لا يشرّف المواطن "الشيعي" سياسي محتال يتحدث بالمظلومية وهو يهرّب أموال الفقراء ويشيع الفساد والخراب، ولا ينصف "المواطن السني"، مسؤول يتحدث عن الإقصاء والشراكة وتراه يقرب كل يوم أهله وعشيرته ويعتبر المنصب إرثاً عائلياً، إن ما يقوّي العراقيين مسؤولون وسياسيون يرتفعون فوق الطائفة والتحزب، في مسرحية "الإنسان والشيطان" لبرناد شو، يقول أحدهم: "السياسة، دعك من شعاراتها لأن أصحابها يعرفون كيف يكذبون"! ورأى الكواكبي أن "خداع الناس هو أساس الفساد، وقال إن المسؤول المخادع هو الذي لا تربطه بالناس رابطة الإنسانية".
لم يعد ممكنا أن يتحول العراق إلى "كعكة" توزع وفقاً لمبدأ "أعطني وأعطيك"، ملت الناس من سياسيين شعارهم "ليس في الإمكان أحسن مما كان".
قال ديغول لوزير ثقافته أندريه مالرو "مأساة السياسيين أنهم انقطعوا عن الإيمان ببلادهم" لا يمكن بناء وطن لا يؤمن ساسته به ولا يثقون بعضهم ببعض، وهذه الثقة تحتاج سياسيين ومسؤولين يحترمون عقول مواطنيهم .
ما يدور اليوم على منابر السياسة عبث يدعو إلى الأسى، ويثير الشفقة على المصير البائس الذى نعيشه بفضل سياسيين ومسؤولين يريدون أن يحولوا معاناة الناس إلى برامج "توك شو" ترفيهية.
جميع التعليقات 1
Khalid muften
السيد النائب معجب بمقولة ماري انطوانيت دع الفقراء ياكلوا الكيك بدلا من الخبر . فقراء العراق وشراء الدولار.