علي حسين
أخطر ما ابتليت به بلاد الرافدين ، هم الساسة الكارهون لمحيط العراق العربي، والمصرون على أن الجميع يتآمر عليهم، ساسة ومسؤولون لا يعرفون قدر ومكانة هذه البلاد.. بالأمس كنت أنظر إلى وجوه أهالي البصرة.. شباب وشيوخ، وفي وسط المشهد كانت المرأة التي داهمها المرض لكنها أصرت على أن تطل من نافذة بيتها لتحيي زوار العراق من بلدان الخليج العربي، امرأة كبيرة في السن تبدو مشرقة وهي تتحدث مع الاعلامي الامارتي محمد الأحمد .
كنت أنظر إلى وجه المرأة، وأنا أقول للزملاء في الصحيفة متحديا أن يجدوا سياسياً يحب العراق مثل هذه المرأة، التي قالت إنها برغم مرضها لكنها قررت أن ترحب بضيوف العراق ، صوت يحمل دفء المحبة ونبرات صادقة تكشف عن عفويتها.. كنت أنظر إلى وجه المرأة وهي تتحدث فأرى العراق أمامي، كريما معطاء زاهيا واثقا من نفسه، حين عرضت قناة أبو ظبي الرياضية اللقاء القصير للسيدة البصراوية، ران الصمت في الاستوديو وكأن الجميع يتعبد في محراب كلمات هذه السيدة.. لمعت العيون بدمع واحد، لا فرق بين ما تراه في عيني مقدم البرنامج الإماراتي ولا الضيف العماني، وعيني نصير شمه واللاعب سعد قيس الذي أجهش بالبكاء.
وانا أنظر إلى وجوه أهالي البصرة وهم يرحبون بضيوفهم، وجوه انمحت منها علامات الطائفية والمذهبية.. وجوه تعيد اكتشاف جوهر هذا الشعب.. وجدت نفسي أمام مواطنين بسطاء يريدون أن ينفضوا عن هذا الوطن غبار الطائفية والمحسوبية والانتهازية، ولعل أجمل ما في هذه الوجوه أنها أثبتت أننا شعب لم يتفسخ بعد، رغم سياسة التنكيل والإفساد وشراء الذمم التي مورست خلال السنوات الماضية، شعب لم يفسد رغم محاولات البعض إفساد مناخ الألفة فيه وزرع قيم الطائفية ، وبث الفرقة بين أبنائه وأبناء الخليج. أدهشتني وأفرحتني هذه الاستعادة المبهجة لأصالة ووطنية الشخصية العراقية في لحظة تصور البعض أن أحزاب الطوائف استطاعت أن تحرق مساحات الفرح والخضرة فيها، وهل هناك وطنية أكبر وأنضج من الموقف الذي اتخذته هذه المرأة التي لا نعرف إلى أي طائفة تنتمي، حين تحدثت عن العراق وكرم أهله وكيف يتحولون جميعاً إلى "عين غطا وعين فراش" لضيوفهم. ففي عتمة الانتهازية السياسية وألاعيب القرقوزات، وفي ظل مخطط شديد لإبعاد العراق عن أهله ومحبيه، نجد أناساً بسطاء يتحدثون عن المحبة والأخوة فنشعر بنبرة الصدق تشرق في ملامح وجههم، لا فرق بين إماراتي وعماني وعراقي وكويتي ويمني وسعودي، بين قطري وبحريني، الجميع انصهر في بوتقة واحدة اسمها البصرة.
كتب احد المعلقين من السعودية على الفديو في تويتر " لقاء محبة بحجم البطولة " ،فيما علق مواطن اماراتي :" (من يجينا يمن علينا) هذه الكلمات الصادقة من الوالده الله يحفظها دليل الاصالة والكرم العراقي " .
جميع التعليقات 1
Khalid muften
سيضل العراق الحضن الأبوي الدافى لا خوته العرب بالرغم من حقد وكراهية الأرجنتين.