علي حسين
يُعرف عن كرة القدم أنها لعبة تُقسم الناس، وتجعل منهم فرقاً وأحزاباً كل منها يتمنى الفوز، لكنها في البصرة فعلت العكس حيث وحدت الجميع، مثلما سحر أهالي البصرة ضيوفهم، وبدل أن يحمل كل مشجع علم بلاده، وجدنا من لا يفرق بين علم العراق واعلام ضيوفه .
منذ بداية "خليجي 25" تحوّلت مدن العراق إلى كرنفال رياضي، يتابع الناس فيها سحرة الكرة الذين طغت أخبارهم على أخبار السياسيين، ووجدنا من يهتم بالكرة أكثر مما يهتم بتغريدات " الخبيرة المالية " عالية نصيف عن الدولار . يحسب لخليجي 25، أنه كشف لنا حجم المحبة التي يحملها العراقيون لأشقائهم في الخليج، وفي المقابل شاهدنا وسمعنا كيف تحولت القنوات الرياضية الخليجية إلى كرنفال يتغنى بحب العراق، فلم تعد تعني هذا الشعب خطابات التحريض وتغريدات الانتهازيين .في واحدة من المشاهد المثيرة التي عرضها برنامج " المجلس" الذي يقدمه القطري الذي تعلقت به قلوب العراقيين "خالد جاسم " ، كان المراسل يتحدث مع سيدة عراقية لم تتمالك دموعهاعندما ذكر أمامها اسم العراق، ولم يكن أمام المذيع سوى أن يقول لها : ابتسمي وافتخري لأنكِ عراقية.
نصحني بعض الزملاء أن أكتب هذه الأيام عن ملاعب كرة القدم، وأترك ملاعب السياسيين، لكن ماذا أفعل سادة ياكرام وأنا أقرأ خبراً يقول إن كتل برلمانية تريد العودة إلى نظام سانت ليغو، بعد أن وجدت نفسها خسرت الكثير من المقاعد خلال الانتخابات الأخيرة. للأسف تحولت الانتخابات في العراق من منافسة على خدمة الناس ورعاية مصالحهم إلى صراع على البقاء. وبدل أن تقرر الانتخابات اختيار النائب الأصلح أو مجلس المحافظة الأكثر كفاءة، يريد لها البعض أن تكون معركة انتهازية، لا علاقة لها بمصلحة الوطن .
إن أحد أهم ثروات الشعوب الحية هي ثروة الثقافة والفنون والرياضة ، إلا أن البعض لا يريد ان يتذكر ناظم الغزالي وينسى اننا بلاد الجواهري الكبير لانه يريد منا فقط أن نحفظ "شقشقيات " الجعفري.
ما تحقق في البصرة ليس مجرّد بطولة رياضية، كما أنه ليس فقط استقبالاً للضيوف وإكرامهم، وإنما نحن أمام إنجاز حضاري وثقافي للذات العراقية التي قرّرت أولاً أن تؤمن بقدراتها ، وثانياً أن تستخرج هذه القدرات التي اريد لها ان تختبئ تحت ركام الطائفية والخراب .
جعلتنا البصرة نعشق كرة القدم على طريقتها الخاصة، نعشقها لأنها رياضة المحبة، لا صناعة السياسيين.. نحبها لكونها وفرت مساحة من الطمأنينة والصدق مارس من خلالها الناس حق الفرح والامل ، وسط بيئة عربية محبة للعراق ، تؤمن ان هذه البلاد جميلة منذ 7000 الاف عام .. هكذا خاطب القطري خالد جاسم ، زميله المراسل عندما قال له : العراق حلو