TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > فرنسا في فخ دوامة التضخم

فرنسا في فخ دوامة التضخم

نشر في: 18 يناير, 2023: 10:19 م

جان لوك جيندر*

ترجمة: عدوية الهلالي

يبدو ان الوضع الاقتصادي الحالي غير مستدام ولم تعد هناك علاجات معروفة له، كما اننا سوف ندخل في وضع معقد للغاية لإدارته.

يحاول الكثير من الناس فهم معنى كلمة التضخم. وهل سيؤثر على أسلوب حياتنا؟ وهل يمثل خطرا؟ وهل الحلول موجودة؟ وهل ستكون مرنة أم قادرة على مجابهة الأزمة؟ فمن الواضح أن هذه الأزمة تؤثر أولاً على الفئات السكانية الأكثر ضعفاً ونحن نواجه وضعاً يجب أن نجد حلولاً له.

لقد ارتفعت نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي من 200٪ في عام 1999 إلى 350٪ في عام 2021، وعلينا أن نعترف بأن الكثير من الناس في العالم قد تأثروا،وبالتالي فإن جميع المعايير الاقتصادية مقلقة..وهذا يعني أنه يجب نسيان ردود الفعل المكتسبة والخبرة وجميع النظريات الاقتصادية.

وهنا يبرز السؤال الكبير والوحيد: فهل هذا التضخم دوري أم هيكلي؟ تتمثل الفرضية المطمئنة في الاعتقاد بأن أصلها يمكن العثور عليه في التدابير التي تم تبنيها في أعقاب الأزمة الصحية جنبًا إلى جنب مع عواقب التدابير المتخذة في سياق الحرب في أوكرانيا والتي أدت إلى زيادة أسعار الطاقة. وفي هذه الحالة، سيتعين علينا مواجهة التضخم الدوري. ويأتي التضخم من عدم التوافق بين عرض النقود وواقع الثروة المتبادلة. اذ يجب أن تتوافق السلعة أو الخدمة المشتراة مع القيمة الحقيقية،فهي إقراربالديون.

في الواقع، لدينا مشكلة عميقة تتعلق بالصلة بين: العملة - الثروة - الناتج المحلي الإجمالي - والمعروض النقدي العالمي. وهذا يعني أنه إذا كانت هناك مشكلة نقدية فهي على أساس إصدار الدين العالمي. باختصار: مقارنة بالثروة العالمية، لدينا مستوى دين مرتفع للغاية والكثير من الديون مقارنة بالثروة التي تم إنشاؤها. من هذه الزاوية، فإن التضخم الذي نكتشفه ونشعر به ليس بأي حال من الأحوال دوريًا بل هيكليًا، لأن العملة المتداولة لم تعد تجد واقعًا اقتصاديًا يمكنها أن تجد دورها فيه.

وبقدر ما تم الترحيب بالانتعاش الاقتصادي بعد الأزمة المرتبطة بفيروس كورونا، فقد تسبب في ندرة الموارد، مما أدى إلى زيادة الأسعار، وهي نقطة تحول لعالم منظم اقتصاديًا في عالم من الندرة تدعمه صدمة خارجية من خلال خسارة في قيمة المال. يضاف إلى هذه الصدمة صدمة نقص الغذاء، وصدمة المواد الخام الغذائية، وصدمة الإجراءات في إطار الحرب، وصدمة الإجراءات المتخذة في إطار مكافحة التغير المناخي.

إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وأسعار الطاقة هائل لأنهما يؤثران على السكان ذوي الدخل المتواضع. ويُنظر إلى الظاهرة التضخمية بعنف. وهذا يعني بوضوح أننا ندخل في حلقة تضخم الأسعار والأجور.وبشكل ملموس، لدينا خسارة في القوة الشرائية لجميع الموظفين، ولا توجد استجابة أخرى محتملة غير زيادة الأجور. ولكن إذا زادت جميع الأجور، تزداد تكلفة جميع المنتجات. فالزيادة في الأجور ستجعل من الممكن الحفاظ على القوة الشرائية لفترة قصيرة وسيشتري الموظفون المنتجات التي ترتفع أسعارها لأن هذه المنتجات نفسها تأتي من عمل الموظفين الذين زادت أجورهم...

هذا هو السبب في أن التضخم خارج عن السيطرة بالفعل وهذا هو السبب في أننا عالقون بالفعل في دوامة التضخم.وستتسارع هذه الصدمة من خلال ارتفاع أسعار الطاقة،وهومايمكن ملاحظته عند إعادة تزويد السيارة بالوقود وأسعار الغاز وأسعار الكهرباء وأسعار المواد الغذائية. ويمكن أن يؤدي تأثير التضخم الذي تم إطلاقه بأقصى سرعة في غضون بضعة أشهر إلى المجاعة. سواء توقفت الحرب في أوكرانيا أم لا، لأن التضخم سوف يستمر ويتسارع.

لقد انتهت كل هذه الصدمات الاقتصادية مع نهاية تضخم الوقود، مما أدى إلى تأجيج عملية النقص، وتغذية عملية الزيادات في الأسعار، وبالتالي تسريع دوامة التضخم بسبب مشكلة الأجور.وإلى جانب هذه الظاهرة ينشأ الانطباع الخاطئ عن العمالة الكاملة في فرنسا، وندرة العمالة الملموسة. وعلى هذا المستوى ستنشأ المشاكل الاجتماعية. فعدد كبير من الفرنسيين لا يجدون أو لن يجدوا وظيفة وبالتالي لا يوجد وضع مستقر ليتمكنوا من العيش وإطعام أسرهم. وسوف يضطرون إلى الاعتماد فقط على دعم الدولة أو على أنفسهم.ومن الواضح أن عروض العمل ستنخفض، وستزداد عمليات التسريح. وسيغذي رفع الأجور التضخم!

الخطر الاجتماعي اذن في جميع الحالات في أعلى مستوياته.والخطر موجود أيضًا على مستوى مدخراتنا الشخصية وبالتالي استثمار المتقاعدين. وها نحن على أبواب التضخم المصحوب بركود، وهو وضع خاص ومؤلِم من الناحية الإنسانية. وهذا هو السبب في ضرورة حل مشكلة الدخل المنخفض ومديونية الدولة من قبل البنك المركزي الأوروبي من أجل الحفاظ على القوة الشرائية للفرنسيين الأكثر تعرضًا للخطر بأي ثمن. لذلك من الضروري للاقتصاد زيادة أسعار الفائدة حتى لا يقضي على المدخرات ويكسر آلية الاستثمار.الأمر متروك لنا اذن لأن نفكر بشكل مختلف، وأن نعيد التفكير بسرعة وبشكل جيد بعيدا عن المخاوف والجمود. ومع شيء من الأمل والإنسانية.

· خبير اقتصادي في التجارة الخارجية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

"قوانين جديدة".. طالبان تعتبر وجه وصوت المرأة "عورة"

تشكيلة ريال مدريد المتوقعة لمباراة لاس بالماس اليوم في الليغا

اسقاط مسيرة تركية وسط كركوك

الضفة الغربية.. الاجتياح يتواصل لليوم الثاني وارتفاع حصيلة الشهداء

الصحة: لا توجد مبررات كافية لإدخال لقاح جدري القردة إلى البلاد

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

 علي حسين ظل السادة خضير الخزاعي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وإبراهيم الجعفري وفؤاد معصوم وعباس البياتي وعتاب الدوري وحسن السنيد وغيرهم يهلّون علينا كلَّ يوم قبل الغداء وبعد العشاء من خلال الصحف والفضائيات،...
علي حسين

كلاكيت: البحر الأحمر في فينيسيا

 علاء المفرجي بعد مشاركتها في الدورة السابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي لعام 2024م، من خلال أربعة أفلام سينمائية وعدد من المبادرات والفعاليات. وتتضمّنت قائمة الأفلام التي حصلت على دعم المؤسسة: "نورة" للمخرج...
علاء المفرجي

تدهور الرعاية الصحية الراهن لا تُعالجُه الوعود المعسولة!

د. كاظم المقدادي أنتجت المنظومة السلطوية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية، وتقاسم النفوذ والمليارات، والمناصب والإمتيازات، ظواهر بغيضة، كالتسلط والهيمنة على مقدرات البلد، بدأتها بإفراغ الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى من الموظفين الكفوئين إدارياً وذوي...
د. كاظم المقدادي

عن المرجعية الدينية

حيدر نزار السيد سلمان كتب ويكتب الكثيرون عن خليفة المرجع الديني اية الله العظمى السيد علي السيستاني بالإضافة إلى جهود بعض مراكز البحوث المهتمة بالشأن العراقي، وهذا دلالة على أهمية المرجعية الدينية من النواحي...
حيدر نزار السيد سلمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram