TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ماذا يجري في السجون ؟

العمود الثامن: ماذا يجري في السجون ؟

نشر في: 18 يناير, 2023: 11:01 م

 علي حسين

في ظل نظام اعتقدنا أنه ديمقراطي، وفي ظل مؤسسات قيل إنها منتخبة، مازال البعض يعتقد بأنه يحمل تراخيص لإذلال الناس وتعذيبهم والحط من آدميتهم.. اليوم نحن أمام عملية ممنهجة لاستعادة ممارسات الطغيان والتسلط.. ففي الأيام الماضية جرت وقائع وأحداث كثيرة أعادت إلى الأذهان ما كان يجري في أقبية المخابرات والأمن أيام نظام القائد الضرورة،

وسط صمت متواطئ مع قطعان الوحوش التي تهتك أعراض واجساد المعتقلين، الأمر الذي دفع وزير العدل إلى معاقبة وإعفاء عدد من مدراء السجون على خلفية فديوهات لنزلاء داخل أحد السجون وهم يناشدون الحكومة لإنقاذهم من ممارسات إدارة السجن التي تجبرهم على شراء المخدرات والهواتف النقالة بمبلغ مليون ونصف المليون دينار عراقي.

سيقول البعض إن هذه حالات فردية متناثرة هنا وهناك، ونقول إنها رسائل رعب ترسلها الجهات الحكومية، لكل من يختلف مع منهجها التسلطي، خصوصا وأن أجهزتها الأمنية تمارس الوداعة مع عتاة الفساد وتسهل لهم أن يعيشوا مرفهين، حيث تفتح لهم أبواب السجون متى أرادوا.

بعد 2003 كانت الناس تأمل أن تجد أمامها مسؤولين أقوياء في هدوئهم، فقد عانوا طويلاً من عهود سادت فيها قرارات الجور والظلم والتعسف، التي أوقعت جميع العراقيين في مصائب كثيرة، وهزائم كبيرة مازالوا يدفعون ثمنها حتى الآن.

ظلت الناس تنتظر أن ترى أمامها مسؤولاً، لا ينحاز لطرف على حساب طرف آخر، مسؤول يتعامل مع الجميع على مسافة واحدة من الجميع، مسؤول شعاره العدالة أولاً، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام عقليات سياسية خربة تتعامل مع المواطن باعتباره عدواً وعميلاً يجب اجتثاثه، كانت الناس تريد مسؤولين يعبرون بالبلاد من عصر الفساد والقمع إلى عصر الحريات، فوجدوا أمامهم مسؤولين يريدون إعادة العراق إلى زمن القرون الوسطى.

اليوم علينا جميعاً أن ندرك أن لا استقرار لوطن يمارس فيه الجلاد وظيفته بقوة القانون، وعلينا أن نقولها، مرة ومرتين وإلى ما لانهاية، إن الجلادين ومن يقوم بحمايتهم يجب ألا يفلتوا من قبضة القانون، وعلينا أن ندرك جميعاً، أن لاعدالة مع مثل هكذا مؤسسات أمنية، ولا استقرار مع قوانين عرجاء، تقفز كلما أرادت الناس أن تحاسب المفسدين والسراق والمزورين والقتلة، وتصمت عندما تُنتهك آدمية الإنسان، ولا مستقبل لبلاد يقودها مسؤولون يرون الجريمة وينكرونها وكأنها لم تحدث.

ليس هناك قدر محتوم على البشر فيه أن يتحولوا إلى ضحايا لوحوش بشرية، لكن أنظمة القمع والاستبداد هي التي تصر على أن نبقى أسرى نظام استبدادي لا يؤمن بالآخر، نظام يعيش على وهم "عصر المؤامرات "، عصر السجون المخيفة ، عصر الهتافات ، تلك هي صورة العراق التي يريدون لها أن تبقى مرسومة في أذهان الناس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram