علي حسين
انعقدت قمة كرة القدم لبلدان الخليج العربي، وعلى جدولها بند واحد هو محبة العراق. كانت هناك قضية واحدة شغلت جميع ضيوف هذه القمة الكروية اسمها اهالي البصرة وكيف استطاعوا ان يقدموا صورة العراق المعافى.
بالأمس كنت أتابع ردود الأفعال على مشهد المطربة الاماراتية احلام وهي تضع العلم العراقي على راسها ، وأقرأ ما كتبه مدونون عن هذا المشهد. المطربة التي قررت ان تشارك العراقيين سعادتهم قالت بصوت دافئ : أنا ابنة الإمارات، ابنة زايد، جئت إلى أهلي أهل العراق، بعدها ينطلق صوتها مغرداً: حبي إلك بالفطرة.. تقريباً إنت في دمي.. يابو الحضارة الكبرى.. حبي إلك ما ينتهي.. يشبه وجه بغداد وقت القمرة.. كتب لي قارئ عزيز من البصرة يقول: لقد شعرت بهوة عميقة في نفسي، ورأيت في كلماتها تعويضاً عن سنوات ضاعت من مدينتي بسبب سياسات سعت إلى تمزيق روح الأخوة بيننا وبين أهالي الخليج.
ما قالته الفنانة أحلام وما شاهدناه على شاشة أبو ظبي أو في قناة الكاس القطرية او على شاشة الفضائيات السعودية والكويتية والبحرينية والعمانية واليمنية ، وما قرأناه في تغريدة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد التي قال فيها: "فرح العراق اليوم بعد طول صبر وانتظار وفرحت معه الشعوب والقلوب، كلنا اليوم عراقيين في الفرحة، كلنا اليوم عراقيين في الانتصار"، هو صوت المحبين الحقيقيين، صوت أكثر رقياً من الأصوات التي لا تريد لهذه البلاد الاستقرار والتنمية. إنها أحاديث تقول للجميع أتحدى أن يكون هناك من لا يحب العراق الذي هو في "القلوب دائماً"، على نحو تصبح أمامه كل ادعاءات أن هناك من يطمح لخطف دور العراق معها مجرد نكتة ساذجة، تلوكها ألسنة لا تقدر حجم وقيمة بلاد الرافدين.
ما قاله الإماراتي والسعودي والبحريني والكويتي والعماني واليمني والقطري وهم يتحدثون عن طيبة أهل البصرة وكرمهم الذي فاق الوصف هو نوبة حنين إلى العراق كما ينبغى له أن يكون، كبيراً، فتياً، شامخاً، مرفوع الرأس، متدفقاً بالحيوية والعطاء، لا يتحسس رأسه طوال الوقت، ولا ينشغل بالنظر في المرآة طويلاً ذعراً من التجاعيد وعلامات الترهل.
إن صورة العراق الذي يصافح الجميع، هي الصورة التى يحتاجها العراقيون الآن، وينبغى أن نبحث عنها ونثبتها ونجذرها فى أعماق الجميع، العراق بلد التسامح، وبلاد الالتقاء الحميم بين كل الأديان والثقافات والحضارات، ومن ثم فنحن الآن أمام استحقاق وطني وحضاري واجتماعي، في لحظة تبدو مواتية للغاية لكي يتصالح العراق مع نفسه، ويسترد شخصيته التي ضاعت وانمحت بفعل سلسلة من الجرائم السياسية والطائفية.
شكرا لاحلام التي اثبتت ان الفنان الحقيقي هو الذي يحول فنه الى رسالة محبة وسلام .