اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بلد جاسيندا.. وبلد الزعماء

العمود الثامن: بلد جاسيندا.. وبلد الزعماء

نشر في: 22 يناير, 2023: 10:07 م

 علي حسين

لا تعترف معاجم السياسة في العراق بمفردة "الاستقالة"، فالديمقراطية العراقية الحديثة تنص على أنه غير مسموح بمغادرة المنصب إلا بعد أن تمتلئ خزائن المسؤول بما تم نهبه من المال العام، عند ذاك يقرر " مسؤولنا " أن يغلق ستار المسرحية ليتفرغ لمشاريعه التجارية الخاصة.

في هذه البلاد العجيبة والغريبة يجلس المواطن العراقي كل يوم أمام شاشة التلفزيون في انتظار أن يسمع خبر الانتهاء من أزمة الدولار ، فيبشره السيد نوري المالكي بان الازمة ستطول وعليه ان يشد الحزام .. منذ ان حول أيهم السامرائي اموال الكهرباء الى حسابه الخاص ، واخبرنا حسين الشهرستاني اننا سنعيش أزهى عصور الإعمار والرفاهية"، أدركنا أنه سوف المسؤول العراقي سيلازم الشاشة يتحدث عن الأخلاق والفضيلة، وأن الشعب لا يحتاج إلى المصانع والمعامل والمزارع، وإنما إلى تغريدات عالية نصيف .

تعلمنا، من الخراب الذي يحاصرنا منذ سنوات، أنّ المسؤول والسياسي العراقي، ما أن يجلس أمام المايكرفون حتى يتراءى له، أنه مصلح اجتماعي، ولذلك ضحكت وأنا أسمع جمال الكربولي يتخدث عن النهزاهة والحفاظ على المال العام .

أسوأ أنواع الخطباء، من يتصور أن الناس لا تملك ذاكرة، ولهذا تجده فاقد الإحساس والخجل، ويفعل ما يشاء، دون أن يقول له أحد؛ يارجل كان بإمكانك أن تعيد أموال الهلال الأحمر أولاً، قبل أن تتحدث عن جيوب المفسدين.

بسبب "هواية" الاستقالة التي يتباهى بها المسؤولون الغربيون، خرجت علينا رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن لتعلن أنها ستتنحى عن منصبها بحلول السابع من شباط المقبل، قائلة "ببساطة.. لم تعد لدي طاقة كافية للاستمرار في السلطة أربع سنين إضافية". ةتحدثت وهي تبكي : "كوني رئيسة للوزراء كان أعظم شرف في حياتي، وأود أن أشكر النيوزيلنديين على الامتياز الهائل لقيادة البلاد على مدى السنوات الخمس والنصف الماضية". وأضافت "لا يمكنك ولا يجب عليك القيام بالمهمة ما لم يكن لديك خزان ممتلئ، بالإضافة إلى احتياطي قليل لتلك التحديات غير المخطط لها وغير المتوقعة التي تأتي حتماً".

تخيلوا امرأة تبكي وتقدم استقالتها في وقت "عصيب"، يحتاج منها أن تُمسك بالكرسي بيديها وقدميها، لكنها ياسادة "قِلّة" خبرة، وضعف في "الإيمان" بأن الشعب لا يطاع له أمرُ، وغياب لمبدأ "ما ننطيها"..

هل " جنابي " يكتب هذا المقال من أجل أن يكون لدينا في حكومتنا العتيدة نموذج مثل رئيسة وزراء نيوزيلندا؟، لا. سوف يكون عندنا "روزخونية"، وأعضاء برلمان بلا حرص وطني وبلا كفاءات، وسوف يكون لدينا من يعتقد أن وجوده في حياتنا "هبة" ربانية، وأنه ثروة وطنية، لا يمكن مقارنتها بمئات المليارات التي نُهبت. والاهم ان جميع مسؤولينا لديهم خزانات لا تزال بحاجة الى مليارات جديدة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid muften

    جاسيندا اتعبها السهر لخدمة بلدها وقادتنا اتعبهم تهريب أموال بلدهم وسرقتها.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

 علي حسين ليس من حق المواطن العراقي أن يعترض على تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ولا يملك أن يشكو من تحول مجلس النواب إلى قاعة للمناكفات السياسية ، ولا يملك أن ينتقد أوجه...
علي حسين

باليت المدى: عندَ اكتمال القمر

 ستار كاووش قيمة السفر تُكمِنُ في مشاهدة أشياء وتفاصيل وأماكن مختلفة، جديدة، نادرة أو ممتعة. أما إذا إجتمعت كل هذه التفاصيل في مكان واحد مثلَ بارك (ديلا ديساتيل) في مدينة ليل، فهنا عليَّ...
ستار كاووش

قناطر: أين نحن من نخيلنا الذي سرقه العالم

طالب عبد العزيز ملء الشاشة تظهر صورة رجل أنيق، بثياب أهل الخليج الصيفية متحدثاً بمعلومات قيمة عن أحوال مزرعته المزدحمة بالنخل والفاكهة، وتظهر في الصورة نخلة من أحد الاصناف المعروفة لدينا، وقد ثقلت بعذوقها...
طالب عبد العزيز

العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية

د. سامان شالي إن مسألة ما إذا كان العراقيون قد فقدوا الثقة في الديمقراطية أمر معقد ومتعدد الأوجه. لقد كانت رحلة العراق نحو الديمقراطية مضطربة، وتميزت بتحديات وانتكاسات كبيرة. يستكشف هذا المقال الوضع الحالي...
د. سامان شالي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram