TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: شركاء في الخراب

العمود الثامن: شركاء في الخراب

نشر في: 24 يناير, 2023: 11:06 م

 علي حسين

تخيل المواطن العراقي المسكين المحاصر بالغلاء ومليارات نور زهير التي تبخرت، وملاعيب مجلس النواب، وهو يتأمل النائبة عالية نصيف وهي تسند رأسها بكفها الأيمن وعلامات السرور بادية عليها وهي تقول لمقدم البرنامج "يابه شكد فرحانة"، وقبل أن نضرب أخماساً بأسداس لمعرفة حالة السرور التي انتابت نائبتنا "الهمامة"، تلتفت " سيادتها " إلى المذيع لتخبره أنها كانت قد توقعت إعفاء محافظ البنك المركزي من منصبه ،

ثم قبل أن نضر ندخال عالم " الفتاح فال قالت وبثقة "اليوم أسعدتنا يارئيس الوزراء"، أما يوم السعد بالنسبة لها فهو إحالة مدير المصرف العراقي للتجارة على التقاعد. ولم تكتف النائبة بحالة الفرح بل اخبرتنا أن الدولار سيهبط من عليائه، ولأن توقعاتها لا تختلف كثيراً عن توقعات السيدة "أم فهد" التي تنبأت بأن الدولار سيهبط سعره، ثم صحت من النوم فوجدت الدولار يبكي وينوح.. ولا تسألني جنابك من هي أم فهد التي تتنقل بسيارة رقمها حكومي، وما علاقتها ببعض كبار ضباط الجيش.. وكيف حصلنا على كأس الخليج بفضل دعائها؟.

ماذا كان يفضّل العراقيون حقاً؛ مسؤولاً اقتصادياً يشرح لهم أزمة الدولار والغلاء الذي يسحق الفقراء؟، أم تنبؤات الحائزة على جائزة نوبل للاقتصاد عالية نصيف؟، أم دعاء السيدة أم فهد؟، أم ممكن التخلص من الأزمة بالحرمل والأدعية والسماع لتوجيهات أبو علي الشيباني وزميله؟.

ماذا حدث لـ"التنمية "؟ أين غابت خطب الازدهار ودحر الدولار ؟ بماذا يفكر العراقي وهو يرى المسؤولين يسخرون من معاناته ويقولون له بكل بساطة لم يحن الوقت بعد لأن تصبح صاحب قرارٍ حرٍ في اختيار من يجلس على كرسي المسؤولية ، فما زال هناك الكثير من الخطب الثورية التي نريد أن نجربها؟! ماذا سيقول المواطن العراقي في نفسه ولنفسه عندما يرى أن بلدان العالم تستعين بكبار الاقتصاديين لحل ازماتها ، ونحن نمارس لعبة الختيلان مع العملة العراقية .

من أوصلنا إلى هذه الحالة التي لا تستطيع فيها الدولة ان تسيطر على بورصة الدولار في شارع الكفاح ، وتخاف من أن تقول لكبار السياسيين : من ايم لكم كل هذا ؟

يبدو الأمر سريالياً، ونوعاً من مسرحية عبثية ، في بلاد تصدر يوميا ملايين اابراميل من النفط تعجز وتتخاذل عن إلقاء القبض على المتلاعبين بالاسواق .

بعد تسعة عشر عاماً من وصول إسلاميي العراق إلى السلطة، حصلت أحداث "سارة" في بلاد الرافدين. أبرزها أن مسألة الإصلاح لم تعد مهمة ولا ملاحقة الفاسدين، المهم أن الجميع يعتقد أن لا بديل عن الواقع إلا بالواقع نفسه .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram