علي حسين
في خضم الأخبار عن أسعارالدولارالتي تبدو مفرحة للسياسيين، ومحزنة للمواطن ، ووسط فوضى سياسية، ثمة أفعال وأخبار تبدو ساذجة، إلا أنها تدعو إلى الضحك والترفيه عن النفس.
على رأس هذه الأخبار رفض البرلمان مناقشة الارتفاع الحاد بعملة "العم سام": هل يبقى الحال على ما عليه، أم نستعين بالعلامة الاقتصادي حمد الموسوي الذي لفلف علينا ستة مليارات دولار؟ وكافأناه بأن أجلسناه على كرسي البرلمان وسلمناه لجنة النزاهة.
أعتذر لكل القراء لأنني حاولت يوماً أن أوهمهم بأن هناك في العراق تجربة ديمقراطية تمخض عنها مجلس نواب منتخب، وأن هذا المجلس يمارس دوره الرقابي بكل الإخلاص والمثابرة.
كنا جميعاً قد عشنا من قبل حلقات مثيرة من مسلسل الإصلاح والتغيير والمجرب لا يجرب أبطاله يتصببون عرقاً وهم يصرخون "وا عراقاه" ولن ننسى الجملة الشهيرة للنائب السابق مشعان الجبوري الذي قال لن تمر المحاصصة إلا على جثتي، طبعاً لم تنس السيدة عالية نصيف آنذاك أن تذرف الدموع على الديمقراطية التي يريد الشعب أن يهدرها.. اليوم لم يقل لنا أحد أين أصبحت شعارات الإصلاح.
سيقولون لنا إن الحكومة ومعها رئاسة الجمهورية ومجلس النواب استجابت لرغبات الجماهير بدليل أنها عينت ألف مستشار ومستشار، وأن المواطنين حتماً قاموا بالتظاهر في ساحات الوطن من أجل أن لا تتخلى الدولة عن العقول العظيمة التي لا يريدون لها أن تغادر الكراسي.
ما يجري اليوم هو نتاج سياسات مقصودةشارك فيها الجميع، كل واحد كان له دور في تحويل العراق إلى ساحة للمحاصصة الطائفية والفساد الإداري والمالي والانتهازية السياسية.
في كتيب العراق عن الديمقراطية، نقرأ هذا الخبر المثير الذي نشره موقع "الوكالة الوطنية" والذي يقول : إن قاضي محكمة تحقيق الكرخ ضياء جعفر بشرنا بأن "الحَّبوب" نور زهير قام بتسديد ما يقارب الـ400 مليار دينار من أصل تريليون و600 مليار دينار"، وأن "الفهامة" هيثم الجبوري سدد "ياولداه" 4 مليارات دينار من أصل المبلغ "17 مليار دينار. وأن الأخوة توم وجيري سيسددون ما تبقى من أموال وفق جدول زمني، فالعراق رحيم بأبناءه يمنحهم المليارات لكي يضاربوا بها في الأسواق ويهربوها إلى الخارج ثم يقسطها عليهم، طبع من إطلاق سراحهم. فكيف لدولة عاقة تسجن مفكراً بحجم هيثم الجبوري وتعاقب أحد رجال البرجوازية الوطنية نور زهير، هذا الأمر لا يجوز حتى في كتاب العدالة الذي وضعه المرحوم أفلاطون قبل 25 قرناً.
في بلد آخر غير العراق، وشعب مغلوب على أمره غير هذا الشعب المسكين، لا يمكن لمقاول أو تاجر أن يستولي على كل هذه الأموال ولكن هذا لا ينطبق على أثريائنا الذين سيطروا على كل شيء.. هذا عصر يريد الجميع أن يضعه تحت إبطه.