TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > ستصبح المياه مصدر نزاع عنيف

ستصبح المياه مصدر نزاع عنيف

نشر في: 29 يناير, 2023: 10:19 م

أريك اورسينا

ترجمة:عدوية الهلالي

بينما تستمر الاحتياجات المائية في العالم في الازدياد، فإن الموارد محدودة. كما أن التحدي على مر السنين هو الحفاظ على كمية ونوعية المياه لضمان توفر كمية من المياه العذبة للسكان.

هنالك نوعان للمخاطر الطبيعية على المياه: المخاطر المناخية والكوارث الطبيعية. وفي الواقع، في حين أن بعض المناطق المناخية جافة جدًا أو صحراوية، فإن هذه المناطق تفتقر إلى المياه بشكل طبيعي. لكن الأمر المقلق هو أن الصحاري تزداد اتساعًا، وأن عددًا كبيرًا من المناطق القاحلة تتحول إلى صحراء. في هذا السياق، يقدر علماء المركز الوطني للبحوث العلمية أن هذا التصحر يمكن أن يهدد 20٪ من الأرض. لذلك فإن نحو ستين دولة مهددة بهذا التقدم في الصحراء. من بينها نجد أستراليا وتشيلي والصين وكذلك الدول المجاورة مثل إسبانيا أو اليونان. ولطالما كانت الأسباب المناخية موجودة ولكنها تتفاقم بشكل متزايد بسبب النشاط البشري. ومع ذلك، لم نفقد كل شيء: يمكننا أيضًا إيقاف زحف الصحراء. وهناك بالفعل العديد من الأمثلة الناجحة حول العالم.

ويضطر العديد من الأشخاص الذين يعيشون في المناطق القاحلة إلى المشي لأميال للعثور على المياه، وهم الآن مهددون بالنزوح بسبب التصحر في أماكن إقامتهم. علاوة على ذلك، فمن المرجح أن يكون للاحتباس الحراري عواقب وخيمة على إدارة المياه لسنوات قادمة. وفيما يتعلق بالكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والأعاصير وأمواج تسونامي، فإنها تشكل تهديدًا لمياه الشرب.

نحن نلاحظ زيادة في النمو السكاني، وكذلك ارتفاع في مستوى المعيشة. وخلال 30 عامًا، أدى ذلك إلى مضاعفة استهلاك المياه في جميع أنحاء العالم، سواء في الزراعة أو في الصناعة أو في المنازل. ويعد الماء موردًا نادرًا من المتوقع أن يزداد الطلب عليه بنسبة 10 إلى 12٪ خلال العشرين عامًا القادمة، في كل من البلدان الناشئة والمتقدمة. وفي الواقع، يجب أن يتعامل العالم مع الحالة المتداعية للبنية التحتية لمعالجة وتوزيع المياه، وبالتالي سيتعين عليه القيام باستثمارات ضخمة.

علاوة على ذلك، يتزايد عدد سكان العالم ويطمح سكان البلدان الناشئة إلى نفس العادات الغذائية التي تستهلك الكثير من المياه، مثل تلك السائدة في البلدان المتقدمة ؛ وبالتالي فإن استهلاك المياه اللازمة لإطعام كوكب الأرض سيزداد بشكل حاد للغاية. أخيرًا، يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم فترات الجفاف والفيضانات، ويزيد من ندرة المياه. وكل هذه العناصر تجعل المياه قضية رئيسية وهي محفزات لنمو قطاع المياه على المدى الطويل.

يجب اتخاذ العديد من الإجراءات لحل المشاكل المذكورة أعلاه والسماح بالوصول إلى المياه لأكبر عدد ممكن من الناس. وفي الواقع،هناك بعض الإجراءات في هذا الاتجاه،مثل تزويد البلدان الناشئة بمعدات حديثة لمعالجة المياه وتوزيعها ؛وتوفير المياه المستخدمة في الإنتاج الزراعي الحيواني والنباتي ؛وجعل الأنابيب الموجودة أكثر كفاءة لتقليل معدل التسرب، لا سيما في أقدم المدن، مثل لندن أو نيويورك، حيث الشبكات متداعية ؛وتحسين معالجة مياه الصرف الصحي ؛والحد من تلوث المياه الجوفية. وبالتالي، فإن الشركات التي تساهم من خلال أنشطتها في حل هذه المشكلات يجب أن تشهد نموًا استثنائيًا في العشرين عامًا القادمة!

الأنهار كائنات حية.وبدونها، لن يعود بإمكاننا إنتاج الطاقة أو ري الحقول. قبل خمسة عشر عاما، عندما سافرت حول العالم لمدة عامين ونصف بحثًا عن الماء وألفت كتاب "مستقبل المياه"، اعتبر الناس قصصي غريبة،ولكن أثبت لي المستقبل انني كنت على حق. وكان السيناريو أسوأ من توقعاتي.النهرهومرآة للمجتمع. أخبرني كيف تنتج الماء، إذا كنت تحترمه، وبأي ثمن ومن يستفيد منه، وسأخبرك بوضوح شديد إلى أي نوع من المجتمع تنتمي.

في أعالي البحار، تسبب الفوضى المطلقة الضرر على مستويات عديدة. وفي حالة عدم وجود اتفاقيات، يمكن أن يتسبب الصيد الجائر أيضًا في حدوث هجرات، كما هو الحال في السنغال، التي تمتعت في الماضي ببعض من أكثر المياه ثراءً بالأسماك في العالم، قبل أن تُفرغ من مواردها.ومن وجهة النظر الجيوسياسية، تعتبر إدارة الأنهارسريعة التأثر، لا سيما بسبب بناء السدود. سواء كان نهر النيل الذي يخلق توترات بين المصريين والأثيوبيين، أو دجلة والفرات مع تركيا والعراق، فهل نجازف بحروب المياه؟

لقد أوضحت أن المياه ستصبح مصدرًا لنزاعات عنيفة بشكل متزايد. وكما يوحي اسمها، فإن السدود تعيق تدفق النهر. كما أنها تزيد من مخاطر الفيضانات. وهناك دولتان يبلغ عدد سكانهما 100 مليون نسمة - مصر وإثيوبيا - يشتركان في نفس الموارد المائية. ومع ذلك، إذا أصبحت هاتان الدولتان متوترتين، كما هو الحال بالفعل مع إنشاء سد النهضة الإثيوبي، فقد يتدهور الوضع.

واليوم، ومع ولادة احدث اعمالي (الأرض عطشى)، احاول اصدار اشارة تحذير، وصرخة من القلب، ونداء للمساعدة في الإسراع في الحفاظ على ما يبقينا على قيد الحياة.فأي نهر وكل نهر هو كائن حي يمكننا تبنيه، ويمكننا أن نحبه، وأن نخافه.ويوضح أحدث تقرير للأمم المتحدة، في عام 2022، أن أربعة مليارات شخص يعيشون في مناطق تعاني من نقص حاد في المياه لعدة أشهر في السنة. وهذه المياه موجودة، لكنها تتعرض للتلوث مع الإفلات من العقاب. ويتم تصريف 80٪ من السوائل الصناعية والحضرية المستعملة في الأنهار، بينما منذ ثمانينيات القرن الماضي، ازداد استهلاك مياه الشرب بنسبة 1٪. فأين سنجد هذه المياه؟

المدهش للغاية هو رؤية التناقضات في التعامل مع قضايانا المهمة.لقد وضعنا موارد ضخمة في الفضاء، لكننا لا نعرف قاع البحار، وقد فكرنا في جودة الهواء، لكننا لم نكن مهتمين بالمحيطات، والأنهار، التي ترتبط بشكل كبير مع مسألة التلوث. لهذا السبب، قبل خمس سنوات، أنشأنا مع جمعية مستقبل الأنهار العظيمة. ولدينا عشرين باحثًا من جميع أنحاء العالم يفكرون في مستقبل الأنهار.فالنهر هو قوة الحياة.الأنهار هي وسيلة ملموسة للحصول على المياه. ويجب تقديم معالجة للمشكلة وهناك حلول يمكن وضعها بسهولة إذا كانت هناك إرادة.

خبير اقتصادي وكاتب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

"قوانين جديدة".. طالبان تعتبر وجه وصوت المرأة "عورة"

تشكيلة ريال مدريد المتوقعة لمباراة لاس بالماس اليوم في الليغا

اسقاط مسيرة تركية وسط كركوك

الضفة الغربية.. الاجتياح يتواصل لليوم الثاني وارتفاع حصيلة الشهداء

الصحة: لا توجد مبررات كافية لإدخال لقاح جدري القردة إلى البلاد

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

 علي حسين ظل السادة خضير الخزاعي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وإبراهيم الجعفري وفؤاد معصوم وعباس البياتي وعتاب الدوري وحسن السنيد وغيرهم يهلّون علينا كلَّ يوم قبل الغداء وبعد العشاء من خلال الصحف والفضائيات،...
علي حسين

كلاكيت: البحر الأحمر في فينيسيا

 علاء المفرجي بعد مشاركتها في الدورة السابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي لعام 2024م، من خلال أربعة أفلام سينمائية وعدد من المبادرات والفعاليات. وتتضمّنت قائمة الأفلام التي حصلت على دعم المؤسسة: "نورة" للمخرج...
علاء المفرجي

تدهور الرعاية الصحية الراهن لا تُعالجُه الوعود المعسولة!

د. كاظم المقدادي أنتجت المنظومة السلطوية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية، وتقاسم النفوذ والمليارات، والمناصب والإمتيازات، ظواهر بغيضة، كالتسلط والهيمنة على مقدرات البلد، بدأتها بإفراغ الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى من الموظفين الكفوئين إدارياً وذوي...
د. كاظم المقدادي

عن المرجعية الدينية

حيدر نزار السيد سلمان كتب ويكتب الكثيرون عن خليفة المرجع الديني اية الله العظمى السيد علي السيستاني بالإضافة إلى جهود بعض مراكز البحوث المهتمة بالشأن العراقي، وهذا دلالة على أهمية المرجعية الدينية من النواحي...
حيدر نزار السيد سلمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram