TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: كوميديا النزاهة

العمود الثامن: كوميديا النزاهة

نشر في: 29 يناير, 2023: 11:01 م

 علي حسين

ضحكت وأنا أقرأ الخبر الذي يقول إن مجلس النواب اختار النائبة عالية نصيف نائباً لرئيس لجنة النزاهة البرلمانية، فقد كنت مثل غيري من ملايين العراقيين نؤمن بأن النزاهة في الدولة العراقية تعني الحصول على أكبر قدر من الامتيازات والعقود.

الناس تدرك جيداً أنها تعيش في ظل نواب ظرفاء ولطفاء لا يعجبهم القول إن برلمانهم ولد فاقداً البصر والبصيرة، وإن وجوده ضد الطبيعة البشرية، كونه جاء خالياً من الكفاءات -مع استثناءات قليلة جداً- بعد عملية إبادة جماعية نفذتها الكتل السياسية ضد كل الأصوات التي طالبت بأن يكون البرلمان صوتاً حقيقياً للناس.

إن هؤلاء البرلمانيين لم يتركوا لأحد فرصة كي يصدقهم أو يحترم مواقفهم، فهم من كثرة تقافزهم فوق أسوار حدائق السلطة منذ سنوات يجعلنا نستقبل كل ما يصدر عنهم بالارتياب وعدم الاعتبار، ذلك أنهم في غالبيتهم مسؤولون عن هذه المآسي التي يعيش في ظلها ملايين العراقيين.

ربما سيلومني بعض القراء لأنني أطالب مجلس النواب بأن يغير جلده وربما سيقول البعض إن تغيروا أو لم يتغيروا، لن يفرق كثيراً، فالأمر لا يعدو كونه مصاريف وأموالاً تصرف بلا معنى، استهلاك للمصفحات وتعطيل مصالح الناس وشل حركتهم أثناء توجه هذا النائب أو ذاك إلى المجلس والعودة منه، وتشبع الجو بكميات إضافية هائلة من فقاعات الكلام الأجوف التي من شأنها مفاقمة أزمة الاحتباس السياسي، وهو أخطر كثيراً من الاحتباس الحراري الذي تعاني منه الكرة الأرضية.

فالسادة النواب الجدد حالهم حال النواب السابقين سيقولون نفس الكلام المكرر والممل عن الخطوات التي سيتخذها المجلس لإنقاذ العراقيين من الهلاك والتشرذم والفرقة والانهيار، وسيلقي البعض منهم خطابات تاريخية غير مسبوقة عن الازدهار والتقدم الذي تشهده البلاد، وستنعقد تلك الجلسات وتنفض مخلفة وراءها مئات الأمتار المكعبة من عوادم الكلام المعاد المضرة للسمع والبصر.. والنتيجة دائما صفر.

فنحن إزاء مجلس نواب أصابته شيخوخة أبدية بلا نهاية.. وإن أعضاءه خططوا للبقاء فيه عبر وراثة البرلمان، ولأن الدولة ترفض الكفاءات وتقتلهم في شوارع الغربة ولأن المتحكمين فى السلطة يريدون إعادة انتاج دولة القائد الأوحد التي تدافع عن نفسها ضد التطوير والتحديث.

ماذا تنتظر من مؤسسات لم تحاسب نفسها، لا في قضايا الفساد وسرقة المال العام، ولا في كوارث الأمن؟.. إن أنصار الطائفية والمحسوبية والانتهازية بما يمثلونه من عصابات مصالح ومؤسسات فاشلة مصرون على قتل كل أمل في بناء دولة المواطن لا السياسي.

أيها السادة عالية نصيف + لجنة النزاهة أخرى يعنى تدهوراً لا تطوراً، إحباطاً لا أملاً.. إنها الكوميديا يا عزيزي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Khalid muften

    مثل شعبي عراقي ينطبق على النزاهة ( ودع البزوني شحمه ).

يحدث الآن

"قوانين جديدة".. طالبان تعتبر وجه وصوت المرأة "عورة"

تشكيلة ريال مدريد المتوقعة لمباراة لاس بالماس اليوم في الليغا

اسقاط مسيرة تركية وسط كركوك

الضفة الغربية.. الاجتياح يتواصل لليوم الثاني وارتفاع حصيلة الشهداء

الصحة: لا توجد مبررات كافية لإدخال لقاح جدري القردة إلى البلاد

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

 علي حسين ظل السادة خضير الخزاعي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وإبراهيم الجعفري وفؤاد معصوم وعباس البياتي وعتاب الدوري وحسن السنيد وغيرهم يهلّون علينا كلَّ يوم قبل الغداء وبعد العشاء من خلال الصحف والفضائيات،...
علي حسين

كلاكيت: البحر الأحمر في فينيسيا

 علاء المفرجي بعد مشاركتها في الدورة السابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي لعام 2024م، من خلال أربعة أفلام سينمائية وعدد من المبادرات والفعاليات. وتتضمّنت قائمة الأفلام التي حصلت على دعم المؤسسة: "نورة" للمخرج...
علاء المفرجي

تدهور الرعاية الصحية الراهن لا تُعالجُه الوعود المعسولة!

د. كاظم المقدادي أنتجت المنظومة السلطوية القائمة على المحاصصة الطائفية والإثنية، وتقاسم النفوذ والمليارات، والمناصب والإمتيازات، ظواهر بغيضة، كالتسلط والهيمنة على مقدرات البلد، بدأتها بإفراغ الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى من الموظفين الكفوئين إدارياً وذوي...
د. كاظم المقدادي

عن المرجعية الدينية

حيدر نزار السيد سلمان كتب ويكتب الكثيرون عن خليفة المرجع الديني اية الله العظمى السيد علي السيستاني بالإضافة إلى جهود بعض مراكز البحوث المهتمة بالشأن العراقي، وهذا دلالة على أهمية المرجعية الدينية من النواحي...
حيدر نزار السيد سلمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram