إياد الصالحي
لم يبقَ سوى أسبوعاً واحداً وتنتهي فترة المئة يوم منذُ أن تسلّم أحمد المبرقع مسؤوليّته وزيراً للشباب والرياضة، خلفاً للكابتن عدنان درجال، وهي مُدّة كافية له، برغم قصرها، منحتهُ الفرصة ليتفقّد " بيت الرياضة العراقية " مِن داخلهِ، مَنْ الماكثون في طابقهِ السُفلي، ومَنْ الصاعدون إلى سطحهِ العالي، ومَنْ النائمون في زواياه المُظلمة؟
مَنْ يطبخ بقدر دنانيره، ومَنْ يسبح في ثراء موقعه؟ ولماذا لم يستيقظ النيّامُ، ومَنْ طمأنهم بأنهم في أمانٍ مديد لأي ازعاج؟ أما المُثابر والأمين والمُخلص فهو وحده يطلُّ صباح كل يوم من نافذة البيت متحدّياً نفسه على مواصلة العمل للغد كأنه لم ينجز شيئاً بالأمس!
بيتُ الرياضة "القديم الجديد" كان ولم يزل ينتظر زيارة (أب أو ابن أو حفيد) لا يكتفي بالتقاط الصور قُبّالته، ويتجوّل في ممرَّاته، بل يُصلح واقع مبناه وطبيعة ساكنيه الماكثين منذ عشرات السنين وبعضهم أقلّ من ذلك، ليتعرّف عن أسباب عدم تطويره وقبولهم البقاء فيه برغم حاجته الماسّة للترميم اليوم أكثر من أي وقت ضائع!
للأسف، الوزير المبرقع آثر المشي على خُطى مَنْ سبقه، تعاطفَ مع المُدلّلة كرة القدم، وتفرّغ لبطولتها الخليجيّة، ودخل في حساسيّة شديدة مع أسرة قيادتها التي تناصَف معها مسؤولية التنظيم في البصرة، وسجّلَ حضورهُ في أكثر من نشاطٍ برفقة الأشقّاء والأصدقاء الذين فوجئوا كيف بوزير لقطّاع كبير يُعنى بالشباب وليس الرياضة وحدها أن يختار التفرّغ للعبة على حساب عديد البطولات لفعّاليات مُختلفة، وإن كانت ليست بشهرة أم الجماهير؟!
صحيح أن " بيت الرياضة " يحتاج الى ألف يوم ويوم لتنظيفه من الدُخلاء، والعابثين، والكُسالى، والمنافقين، والمبتزّين والمهدّدين، وصحيح أيضاً أن التعايش عن قُرب من جميع مؤسّسات الرياضة لن يتيح الفرصة لأحّد أن يُضلِل المبرقع ويصوّر له الحياة داخله بعكس ما يراه بعينه..
نعم أغلقَ المبرقع بابهُ بوجه من يروم دفعه لمعركة جديدة مع المؤسّسة الأولمبيّة، إلا أنه مطالب بالمواجهة لتنفيذ قانون الوزارة ذاتها الذي عدّها أعلى جهة حكومية تُعنى بقطّاع الشبـاب والرياضة في العراق، وهي مسؤولة عن وضع ومتابعة تنفيذ السياسة الشبابيّة والرياضيّة فيه بما ينسجم والتوجّهات الرسميّة بهذا الشأن.
المبرقع مطالب أن يقف وسط " البيت الرياضي " ويُعلن عن مسك عصا القيادة كُلّها وليس وسطها فقط، ويضرب طرفها الأرض بقوّة مُعلناً عدم السماح لغيره مهما كان عنوانه الحكومي أن ينفرد بساكني البيت ويكون وصيّاً عليهم بالأصالة أو الإنابة ..لا فرق، وإن كانت نيّات الأوصياء سليمة في البداية فغالباً ما تكون نهايات تظاهرهم بالحرص في الاصلاح مُمهّدة لأجواء امتلاك مفتاح البيت للتصرّف في مصيره مستقبلاً، سيما أن سقوف العمل الجمعي في البيت تنخرها الأنانيّة، ولم يعد عموده الأساس يتحمّل تراكمات انهيار الثقة في أكثر من رُكنٍ منذ أن حاول الجهاز الرقابي الحكومي الكشف عن محتواه وأضراره ومحاسبة المُقصّرين في اهماله قبل أربع سنوات، ومُنِعَ من إنجاز مهمّته بإصرار عجيب!
إذا ما أراد المبرقع أن يتفاخر بسنيّ عمله الوزاري، عليه أن يؤسّس منذ الآن " قانون الرياضة الموحّد " الذي يحفظ هيبة " البيت الرياضي" من الانهيار، ويفتح أبوابه أمام الكفاءات المحرومة، ويرمي بمزاليج وارثيها خارج سياجه، ويُنقّي العلاقات فيما بين الرياضيين لتسمو في عهده، ويَعدِل في دعم كلّ الألعاب النشيطة..
" البيت الرياضي " يحتاج الى دعّامات شبابيّة لأساساته، وهو الامتحان الأصعب للوزير المبرقع، فماذا ينتظر؟ لينطلق منذ اليوم الأول من المئة الثانية ويحاول النجاح بتميّز.