محمد حسن الساعدي

شكّلت دورة خليجي 25 التي أقيمت في مدينة البصرة جنوبي العراق نقطة تحول مهمة في علاقة العراق مع جيرانه، وتحديداً دول الخليج التي تنظر إلى العراق بترقب في خطوات التحول الديمقراطي، فكانت نقطة الالتقاء المهمة في التقارب بينهما،

وعكست الصورة الحقيقية للوضع السياسي للبلاد، لذلك ربما كانت «كرة القدم» هي من الوسائل التي عبر فيها العراق عن رسالته نحو جواره الإقليمي، والدولي إلى حد ما، وهذا ما شكّل بداية لتحول في السياسة المنتهجة بالتعامل مع مختلف القضايا المصيرية والتي ترتبط بالعراق وجيرانه، بالمقابل تغيرّت نظرة العرب ودول الخليج نحو العراق، لتكون نقطة انطلاق جديدة في الرؤية المستقبلية بين العراق وجيرانه.

تحوّل العراق نحو السوق الأوروبية وتحديداً ألمانيا وعقد الشراكة بين العراق وشركة «CEMENS” المتعدد الأغراض أعطى دفعة قوية للعراق في ضرورة تسخير طاقاته وخيراته والظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم من أجل البدء بنهضة تنموية تشكل جميع القطاعات وفي مقدمتها قطاعات الكهرباء والصحة والبنى التحتية للبلاد، وعلى الرغم من التعهدات التي أطلقتها الولايات المتحدة تجاه العراق، بحماية أمنه واقتصاده منذ اجتياحه عام 2003، وتوقيعها ورقة الاتفاق الستراتيجي بين البلدين، إلا أن مؤشرات هذا الدعم مفقودة تماماً على الأرض، فلا نجد أية دلائل للدعم في تبني البناء والإعمار للبنى التحتية أو المشاريع الكبرى، أو دعم مأسسة الحكومة وحماية المال العام من السرقة، وبقيت كل هذه الوعود والتعهدات حبرا على ورق، ولم تصل إلى درجة التطبيق بسبب السياسة الأمريكية المنتهجة تجاه العراق.

بات من الضروري على حكومة السيد محمد شياع السوداني استثمار حالة الصخب والصراع بين القوى العالمية، للبدء وسريعاً بعقد الاتفاقات التي من شأنها تطوير البنى التحتية لمؤسسات العراق، وفق مبدأ المصلحة الوطنية للبلاد، وفتح قنوات تواصل مع باقي الشركات العالمية، التي تعمل في مجال البناء والإنشاء والبنى التحتية، مع الحفاظ على التوازن ما بين واشنطن وبين هذه الشركات، وبما يعزز الشراكة المتوازنة من جانب، والانفتاح من جانب آخر، وبالتالي تحقيق الشراكة مع الجميع والسيطرة على الاقتصاد العراقي داخلياً وفق منهج مدروس وواقعي فعال..

بعكس ذلك فستبقى حكومة السيد السوداني ومن خلفها البلد، رهينة لرغبات دول أخرى، وسياسات ومصالح تلك الدول، بل عرضة للإسقاط في أية لحظة، لان تلك الدول تبحث عن مصالحها لا مصلحة العراق وشعبه.. وفي مقدمة تلك الدول أمريكا، وهي ليست دولة من التي يستهان بها وبتأثيرها الاقتصادي أو السياسي، خصوصا في من قبل دولة مثل وضع العراق ما زالت لم تستقر سياسياً ولا اقتصادياً.